مؤسسة الرسالة
الإهداء
إلى الأخوة الدعاة القائمين على ثغور الإسلام في كل مكان ..
إلى من أحب ..
أقدم بكل تواضع بعضاً مما أحب .. فأسأل الله القبول ..
وعلى الله قصد السبيل
فتحي
الحلقة الأخيرة من الكتاب
المرحلة الثانية : الاستيعاب الحركي :
والمقصود بالاستيعاب الحركي قدرة الحركة على استيعاب أفرداها والمنتظمين فيها والمنتمين إليها حركياً .. كما أن المقصود منه كذلك استيعاب الحركة وأفرادها للشؤون والأصول والقواعد الحركية .
الأول : ( ما يعلق باستيعاب الحركة لأفرادها )
استيعاب الحركة لأفرادها هو الشرط الأول والأساسي لنجاحها فكم من حركة تضم الآلاف من الناس لكن من غير استيعاب له واستفادة من طاقاتهم وإمكانياتهم مما يجعلها عديمة الأثر محدودة السير بينما وجد في المقابل حركات تضم بضعة عشرات ن الأفراد مستوعبين بالكلية لحركاتهم ومن حركاتهم أصبحت ذات شأن وأثر وفاعلية في المجتمع ..
فما هي الشروط التي تمكن الحركة من استيعاب أفرادها :
الشروط الأول : أن تكون قد نجح ابتداء في عملية التكوين ومرحلة التربية لأن استيعابها للأفراد حركياً يجب أن يسبقه الاستيعاب التربوي والبناء الحركي يجب أن يسبقه بناء تربوي فإن لم يتحقق ذلك أصبح البناء الحركي عملية غير مضمونه النتائج والعواقب ..
الشرط الثاني : أن تكون الحركة قد اكتملت لديها الطاقات والإمكانيات اللازمة لعملية الاستيعاب هذه كالقدرات التنظيمية والتربوية والتخطيطية والفكرية والسياسية الخ ..
فالحركة كل حركة تبقى قاصرة ومحدودة وضعيفة حتى تتمكن ن توفير الأجهزة والبدائل اللازمة لكل جانب من جوانب العمل .. وعندما تتمكن من ذلك تصبح حركة أصيلة قادرة على إنجاز عملية الاستيعاب الخارجي والداخلي بنجاح وإتقان ..
إن التفسير الصحيح لتعثر الحركة أحياناً وتخبطها كونها لا تزال في طور النمو والبناء ولم تصبح بعد قادرة على القيام بواجباتها والنهوض بمسئولياتها على الوجه الأكمل ..
الشرط الثالث : أن تعي حقيقة أفرادها وأن تعرفهم حق المعرفة هذه المعرفة التي تكشف لها طاقاتهم ميولهم مواطن القوة والضعف عندهم والتي من خلالها يمكنها أن تصنفهم وأن تعين لهم وتحدد مهماتهم ومسئولياته وأن تضعه في المكان المناسب .
إن حسن توظيف الإمكانات هو الذي يؤدى إلى الإثمار والنماء والعطاء أما إذا كان التوظيف عفوياً وكيفياً فإن إنتاجه لن يكون موفوراً ولا مشكوراً ..
الشرط الرابع : أن تقوم بتجنيد كافة أفرادها في العمل وليس فريقاً منهم أو المتفوقين فيهم إن إيجاد عمل معين لكل فرد مهما كان بسيطاً ومحدوداً من شأنه أن يضاعف الإنتاج وأن يجنب الحركة الفتن والمشكلات الناجمة عن العاطلين الذين ليس لهم دور ومهمة والذين يصبحون بؤرة ضعيفة يدخل من خلالها البلاء إلى الجسد كله ...
فالحركة الأصيلة الناجحة هي التي تحرك أصغر الإمكانات فضلاً عن أكبرها وتحسن الاستفادة من أضعف الأفراد إمكانية فضلاً عن أقواهم كل في مجاله وضمن إمكاناته ..
ثم أن الحركة بمسيس الحاجة إلى جميع أنواع وأصناف الإمكانيات واكتفاؤها بنمط معين من الإمكانيات يعرضها للفشل والإخفاق ..
فالذين يخططون قد لا يحسنون التنفيذ أو أن من المستحسن أن لا يتولون ذلك والذين يشتغلون في التربية قد لا يحسنون العمل السياسي أو العمل العسكري أو العمل الرياضي أو العمل الاجتماعي .. وتوزيع المهمات على المجموعة كلها أفضل بكثير من حصرها في نطاق ضيق ...
إن حصر المهمات والمسئوليات في عدد محدود من الأفراد له كثير من النتائج السيئة ويكفي من ذلك أنه يعرض الحركة للانهيار لدى أقل محنة أو مكروه يصيب القيادة لأنه يحول دون توافر البدائل ويبقى الأفراد متفرجين وبدل أن تكسبهم الأيام خبرة وتجربة وقدرة على تحمل المسئولية وتجشم الصعاب واقتحام العقبات يصابوا بالبلادة في الحركة والتفكير وباللامبالاة واللاشعور بالمسئولية ويصبحوا كلاً وعبئاً على الحركة بدل أن يحملوا أعباءها وأثقالها .
الشرط الخامس : أن تقوم الحركة بتوظيف القدرات بشكل جماعي وليس بشكل فردى إن من أخطر الأمراض التي تعانى منها الحركة ويعانى منه العمل الإسلامي النزعة الفردية في العمل أو بتعبير آخر قيام العمل على كاهل الأفراد لا الأجهزة وهذا بالتالي يجعل العمل مرتبطاً بالفرد متأثراً بطبيعته مرتهناً لإمكانياته وطاقاته محكوماً بأفكاره وتوراته واجتهاداته مما يجعله عرضه وباستمرار للتعثر والتوقف وللانحراف والتشوه كما يعرض القائم به للغرور والانتفاخ ويجعله في الحركة في موقع الإملاء عليها والتحكم فيها لشعوره بأنه على ثغرة لا يسدها غيره وبأنه يقدم أكثر مما يقدم سواه وأن الحركة لا تملك حياله شيئاً وأنه لا عوض عنه ولا بديل ..
الثاني : ( ويتعلق باستيعابها هي الحركي )
إن الدعوة قيادة وأفراداً بحاجة إلى الاستيعاب الحركي ابتداء والقيادة يجب أن تكون معينة بذلك قبل غيرها وفاقد الشيء لا يعطيه ..
فما هي الجوانب التي يجب أن تستوعبها الدعوة ويستوعبها الداعية في النطاق الحركي :
أولاً : الاستيعاب الكامل والصحيح للأهداف والوسائل ...
وكل لبس أو تشوه أو تناقض في التصور للأهداف والوسائل يترتب عليه خلاف بين العاملين وتباين في تقدير الأمور وخروج عن الخط وانحراف عن الهدف ..
فما يترتب على الاعتقاد بأن الهدف (تغييري) يختلف جذرياً عما يترتب عن كونه (إصلاحي) وتقييم ودراسة الأمور كل الأمور أهمها وأبسطها والحكم عليها وتحديد المواقف منها يخلف بين أن ينظر إليها بهذا المنظار أو ذاك ولهذا كان لا بد من حديد واستيعاب ..
ثانيا: الاستيعاب الكامل والصحيح للتنظيم وطبيعته ..
فعدم وضوح الشؤون التنظيمية يؤدى إلى عدم معرفة الحقوق والواجبات وإلى عدم التعامل وفق القواعد والأصول وإلى التجاوزات والفرديات وإلى تصادم الصلاحيات وإلى نشوء الحساسيات إلى ما لا نهاية له من النتائج الوخيمة المدمرة ..
وليس المهم أن يكون هذا الاستيعاب نظرياُ من غير تطبيق وتنفيذ فالتنفيذ هو الذي يجعل (حركة التنظيم ) فاعلة فتتلاشى الفوضى والتعديات والتجاوزات وما يترتب على ذلك كله ...
فإذا عرفت طبيعة وصلاحية جهاز من الأجهزة أصبح من الخطأ الكبير طرح ما ليس من طبيعته وصلاحيته عليه ...
وإذا تحددت صلاحية فرد أصبح من الخطأ تجاوزها منه أو عدم التزامها من سواه ..
أذكر أن منطقة من مناطق العمل كانت تعانى جموداً كبيراً بينما تشهد المناطق الأخرى نمواً وانتشاراً ملحوظين ..
وبعد البحث والتدقيق تبين أن الجهاز المشرف على العمل والمسئول عن المنطقة يعانى مشكلة تنظيمية تتمثل في (تجاوزه لصلاحياته) فبدل أن يكون اهتمامه بشؤون منطقته كان يتجاوز ذلك إلى الاهتمام بشؤون العالم الإسلامي كله فينسى ما هو مسئول عنه ويترك ما هو واقع ضمن صلاحيته ومهمته لينساق وراء العاطفة الإسلامية التي تشده بعيداً عما يجب أن يشد إليه ..
وأذكر أن مكتباً إدارياً تشكل من أفراد لم يسبق لهم أن اطلعوا على النظام الداخلي أو اللوائح التنظيمية للأقسام والتي تحدد طبيعة العمل في كل مجال من المجالات ..
وبعد البحث والتدقيق تبين أن هؤلاء لم يمروا عبر القنوات التنظيمية المحددة ولم يترقوا في التنظيم وفقاً للقواعد والأصول إلى تؤهلهم لمثل هذه المسئوليات وعندما حصل فراغ قيادي لظرف من الظروف سيقوا إلى الهيجا بدون سلاح ..
من المعروف أن تنفيذ أية مهمة حركية يجب أن تمر بمراحل ليتحقق في النهاية التنفيذ على أكمل وجه ولتتم الفائدة المرجوة ومن الاستيعاب التنظيمي مرور هذه المهمة وانتقالها عبر المراحل كلها بشكل جيد أو حسن وحين تتعثر هذه المهمة أو تتوقف في مرحلة من المراحل أو لا يكون تنفيذها جيداً في إحدى هذه المراحل تكون النتيجة سيئة وغير جيدة ..
أذكر أن لقاء من اللقاءات تقرر فيه إقامة احتفال جماهيري كبير ولقد استغرق اللقاء وقتاً طويلاً بحثت فيه كافة العناصر التي تضمن نجاح الاحتفال الخطباء مكان الاحتفال ترتيبات الاستقبال الترتيبات الأمنية مكبرات الصوت المقاعد بطاقات الدعوة ... الخ ..
وبعد أن توزعت الأعمال وتم التنفيذ وجاء موعد الاحتفال كانت المفاجأة مذهلة حيث لم يحضر الخطيب الرئيسي والذي عليه المعول وبعد سؤال وجواب تبين أن المكلف بالاتصال بالخطباء وتبليغهم لم يعثر على الرجل في بيته فكلف زوجته بذلك على الهاتف دون أن يكلف نفسه معاودة الاتصال به مرة أخرى على الأقل ودون أن يدرى أنه بهذا التهاون قد عرض ملاً كبيراً للفشل والبوار ..
وفي احتفال مماثل كانت المفاجئة المذهلة في قلة الحور حيث تبين فيما بعد أن أكداساً من الدعوات الحائطية واليدوية لا تزال في الجوارير ولم توزع على الناس ..
وأذكر فيما أذكر أن مجموعة من طلبات منح الدراسة كانت قد قدمت من قبل أصحابها إلى أحد المختصين بهذا الشأن وبدل أن يبادر هذا إلى إجراء ما يلزم ومن ثم تحويلها إلى من يليه في هذا الشأن وهكذا حتى تبلغ المنتهي فقد ألقى بها في أحد الأدراج وكانت النتيجة أن مر الوقت وفاتها القطار وضاعت سنة كاملة من عمر أصحابها والذين كانوا ينتظرون وصول القبول دون أن يعلموا أن طلباتهم لا تزال ملقية كالمهملات في الجارور ..
الثالث : الاستيعاب الكامل لطبيعة الأصدقاء والأعداء ولما يقتضيه ذلك :
إن من الخطأ الشنيع والخطورة البالغة لي الدعوة وعلى الداعية الجهل وعدم المعرفة بطبيعة الأصدقاء والأعداء وبما يميز الصديق من العدو وبأهداف كل منهما ووسائله ومبادئه وأدواته وخططه وتحركاته وسياساته ورجاله قيادة وأفراداً ..
فالحركة التي لا تعرف ما يجرى حولها ولا تحسن تصنيف الناس من حولها حركة فاشلة مكتوب عليها الإخفاق معرضة للتصفية والسحق من قبل أعدائها ..
أعرف دعاة يحاربون الشيوعيين وهم لا يعرفون شيئاً عن الشيوعية .. وآخرين يغازلون القوميين وهم لا يفقهون شيئاً عن القومية وآخرين وآخرين يصادقون أو يعادون ويحاربون أو يهادنون من غير معرفة واستيعاب لحقيقة هؤلاء أو أولئك ولأساليب هؤلاء أو أولئك ..
كما أعرف البعض الآخر ممن لا يقيمون وزناً لصديق أو عدو ولا يكلفون أنفسهم عناء استجلاء الآفاق أو استكشاف ورصد التحركات من حولهم معتبرين ذلك جرأة وإقداماً وهو في الحقيقة جهل بطبائع الأمور واحتياجاتها ونحر للدعوة وتدمير لها ..
إن الحركة الإسلامية تعيش في عصر تكاثر فيه الأعداء وتعددت وتنوعت أساليب المكر فإن لم تتبين كريقها وتتثبت من مواطئ أقدامها وتتوسل بالحيطة والحذر مع العمل والإقدام والجرأة فستتعرض للسقوط في منتصف الطريق دون أن تحفظ الظهر أو تبلغ الهدف .
الرابع : الاستيعاب الكامل لمختلف جوانب العمل وطبائعها واحتياجاتها :
فالذي يحقق نفاذ الدعوة إلى كافة قطاعات المجتمع استيعاب الدعاة لطبيعة هذه الجوانب وتحديدهم للنهج والأسلوب الذي يصلح لكل جانب .
فلا بد من دراسة وتحليل وتفكير وابتكار وتجديد وتنويع ولا بد من الاستفادة من الظرف والحدث والمناسبة .. ولا بد من المراجعة والمحاسبة ونقد الذات واستكشاف العيوب والأخطاء ..
صحيح أن المبادئ التي يجب أن تعطى وتلقن للجميع يجب أن تكون بالنتيجة واحدة ولكن لبلوغ هذه النتيجة الواحدة يحتاج الدعاة إلى سلوك سبل مختلفة وإتباع أساليب متعددة ..
والداعية الناجح هو الذي يعرف كيف يبدأ ومن أين يبدأ مع ضمان الوصول إلى النتيجة المطلوبة ..
والقطاعات المجتمعية أصبح لكل منها في عصرنا هذا خصائص ومعطيات وبالتالي شؤون ومشكلات بعضها خاص وبعضها مشترك فالقطاع الطلابي له شؤونه ومشكلاته وقضاياه .. والقطاع العمالي له ما يختص به ويميزه .. وكذلك قطاع النساء والخريجين والعلماء والسياسيين ورجال الأعمال وغيرهم .... والمدخل إلى كل قطاع من هذه القطاعات قد يتقارب وقد يتباعد ، أو قد يتقارب في جانب ويتباعد في آخر...
وهذا كله يحتاج من الدعوة و الداعية إلى دراسة وتمحيص واستيعاب كلى لشئون كل قطاع ومشكلاته ، ليتحدد بنتيجة ذلك النهج والأسلوب الذي يحتاجه ويصلح له ... وبغير ذلك يصبح عمل الدعوة خبط عشواء...
أذكر أن موضوع التصنيف هذا طرح في أحد مراكز العمل ، فلم يلق قبولاً وتجاوباً من عدد من الدعاة و العاملين ... حيث أصر هؤلاء على إلغاء الأقسام وحصر العمل بقسم واحد ، بحجة أن ما يجب إعطاؤه واحد فلا داعي للتعدد الذي من شأنه تبديد الطاقات فضلاً عما تسببه من تصادم للصلاحيات .
و النتيجة ستكون عدم تمكين الدعوة من النفاذ إلى القطاعات المختلفة ومن ثم الإمساك بها و السيطرة عليها وإنما الاكتفاء بجذب بعض العناصر من هذا القطاع أو ذاك بصفتهم الفردية ... وهذا من شأنه أن يعزل الدعوة و الدعاة عن معترك الصراع ويجعلها عديمة الشأن و الفاعلية والأثر ...
الخامس : عدم الاستنكاف شرط للاستيعاب :
إن الدعوة حتى تكون مستوعبة للمجتمع ، وأن الدعاة حتى يكونوا مستوعبين للناس ، بحاجة إلى معالجة ظاهرة الاستنكاف .
وظاهرة الاستنكاف هذه آخذة في الاتساع والانتشار في محيط الدعوة وواقع العاملين للإسلام يوماً بعد يوم ... وفي بعض الأقطار الإسلامية أخذت هذه الظاهرة منحى مخيفاً وطابعاً خطيراً .
فالاستنكاف عن مخالطة الجماهير و التعامل معها بالإسلام ودعوتها إليه من شأنه أن يجعل هذه الجماهير عدوة للإسلام و الحركة ويجعلها مسخرة ضد الدعوة و الدعاة من قبل أعداء الإسلام .
والاستنكاف عن العمل السياسي من الدعوة و الدعاة بحجة أن محيط العمل السياسي فاسد ويفسد من يلج إليه، وأن السياسة ملعونة ملعون من يمارسها - إلى ما هنالك من أقوال ما أنزل الله بها من سلطان - سيجعل سياسة البلد وقيادته وقراراته بيد أعداء الإسلام ، وموجهة ضد الإسلام و العاملين له ...
واستنكاف الحركة في قطر من الأقطار عن المشاركة في الأجهزة المكونة من تيارات مختلفة لمعالجة مشكلة من المشكلات ، سيجعل تلك التيارات هي الحاكمة و الفاعلة وهي المهيمنة حتى على الشارع المسلم، مسخرة جماهيره لأغراضها وأهدافها ، ومحرضة إياه ضد الحركة الإسلامية نفسها ...
واستنكاف العاملين عن التوظف في أجهزة الدولة المختلفة - التربوية والإعلامية و العسكرية وغيرها - بحجة أن نظامها غير إسلامي ، سيجعل هذه الدولة بكل أجهزتها ومؤسساتها بؤرة لأعداء الإسلام ، مما يعيق أو يحول دون تحقيق أهداف الحركة القريبة و البعيدة ويجعلها مشلولة مغلولة ...
والاستنكاف عن الاختلاط بالناس بحجة بعدهم عن الإسلام وسوء أخلاقهم وكثرة انحرافاتهم من شأنه أن يزيد المشكلة تعقيداً ، ويوسع الهوة بين هؤلاء وبين الإسلام ...
وإذا كان الناس مرضى واستنكف الطبيب عن معالجتهم ، فإن هذا المر سوف يستفحل ، وسيقتل الطبيب نفسه فضلاً عن المريض .
ثم إنه ما قيمة الدعوة وما قيمة الدعاة إن كانوا مستنكفين عن خوض عملية التغيير في المجتمع ... وهل يظن هؤلاء أن عملية التغيير يمكن أن تتم من خارج المجتمع وبدون اختراقه و الدخول إليه و التأثير فيه و التعامل معه ؟..
إن الدعوة حيال هذا الموضوع أمام خيارين لا ثالث لهما :
الأول : أن تبقى الدعوة دعوة لأصحابها قاصرة عليهم مهتمة بهم دون غيرهم ، غير عابئة بالناس وبهدايتهم ... وعند ذلك تكون دعوة ( صالحين ) غير مصلحين ، ودعوة ( صفوة ) لا جماهيرية ... وعليها أن تدرك إن كانت كذلك ، أن نهجها هذا مخالف للإسلام ولطبيعة الدعوة ، وأن عملها هذا قد لا ينجيها ويعصمها من طغيان الجاهلية وطوفان الفساد ما دامت مستنكفة عن العمل لمواجهته ووقفه أو الحد منه ...
الثاني : أن تكون الدعوة للناس كل الناس - المريض منهم قبل المعافى - و المنحرف فيهم قبل المستقيم - تحمل الهداية إلى الجميع وتحنو على الجميع ، وتريد الخير للجميع ، وتحرص على الاستفادة من كل طاقة وتوظيفها في خدمة الدعوة ومعركة الإسلام ...
إن عقائدية التغيير الإسلامي يحتاج من الحركة أن تكون ( صفوية ) قيادة وطليعة ، كما أن الجذرية التغيير و الشمولية يحتاجها إلى أن تكون ( جماهيرية ) كذلك .
أما إن بقيت الحركة تراوح مكانها بعد مرحلة الاصطفاء دون أن تخرج بمن اصطفتهم إلى دنيا الناس ، ومن غير أن تدربهم على ذلك ، أو تدفعهم إلى تجربة ذلك ، أو تقودهم من خلال ذلك فإن مآلها إلى انعزال ، وإن أثرها إلى انحسار ، كما وأن عناصرها ( المحنطة ) المستنكفة عن المخالطة الناس والاهتمام بشئونهم وتبنى مشكلاتهم ورفع ظلامتهم ستصاب بإدبار قبل إقبال ، وبتآكل بعد تكامل ، لأنها تكون قد فقدت عنصر القوة في معاركة ( تصارع البقاء ) وصدق الله تعالى حيث يقول { وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم } .
الاستيعاب في حياة الدعوة والداعية "الحلقة الأولى من الكتاب" الاستيعاب في حياة الدعوة والداعية"الحلقة الثالثة من الكتاب"الاستيعاب في حياة الدعوة والداعية"الحلقة الرابعة من الكتاب"الاستيعاب في حياة الدعوة والداعية "الحلقة الخامسة والسادسة من الكتاب"الاستيعاب في حياة الدعوة والداعية "الحلقة السابعة والثامنة من الكتاب"ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموضوع الصفحة
الإهداء 5
المقدمة 7
الاستيعاب في الدعوة و الداعية 9
ماذا أعنى بالاستيعاب ؟ 9
تفاوت القدرة على الاستيعاب 11
الاستيعاب ونجاح الدعوة 13
الاستيعاب الخارجي و الداخلي 13
- الاستيعاب الخارجي 15
أولاً : الفقه في دين الله 16
ثانياً : القدوة الحسنة 22
ثالثاً : الصبر 27
رابعاً : الحلم و الرفق 33
خامساً : التيسير لا التعسير 38
سادساً : التواضع وخفض الجناح 43
سابعاً : طلاقة الوجه وطيب الكلام 49
ثامناً : الكرم والإنفاق على الناس 55
تاسعاً : خدمة الآخرين وقضاء حوائجهم 62
- الاستيعاب الداخلي 71
الاستيعاب العقائدي و التربوي 72
سنة رسول الله في تكوين المسلم 77
1- تغليب الإيجابية على السلبية 78
2- تغليب الاعتدال على التطرف 79
3- القليل الدائم خير من الكثير المنقطع 81
4- السنة وتغليب الأولوية في التكوين 83
5- التكوين من خلال القدوة 86
6- التكوين الكلى لا الجزئي 88
7- سلامة البيئة وأثرها في التكوين 92
8- أثر الثواب و العقاب في التكوين 95
- الاستيعاب الحركي 98
الأول : ما يتعلق باستيعاب الحركة لأفرادها 98
الثاني : وما يتعلق باستيعابها هي الحركي 1.2
الثالث : الاستيعاب الكامل لطبيعة الأصدقاء و الأعداء 1.6
الرابع : الاستيعاب الكامل لمختلف جوانب العمل 1.7
الخامس : عدم الاستنكاف شرط الاستيعاب 1.9