أخطار المشروع الأمريكي لإعادة هيكلة الشرق الأوسط
خارطتا طريق وليست خارطة واحدة !
يكن : نتابع بحذر بالغ أهداف بوش من قمتي [ شرم الشيخ والعقبة ] إضافة الى أبعاد [ مؤتمر يوروميد ]!! • خارطتا طريق وليست خارطة واحدة! ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أدلى النائب السابق الداعية الدكتور فتحي يكن بالتصريح التالي : يبدو أن الرئيس الاميركي بدأ تنفيذ مرحلة جديدة وخطيرة في سياق مشروع الهيمنة الاميركي الصهيوني الشرق اوسطي بعد احتلال العراق .. إن انعقاد قمتين متتاليتين بحضور بوش شخصيا ، واحدة في" شرم الشيخ " ، وأخرى في" العقبة " ترميان الى إمداد المنطقة بوجبات أميركية سريعة !! هذه " الوجبات الاميركية " التي تحاول الادارة الاميركية تسويقها وتجريعها للنظام العربي الرسمي ـ مستفيدة مما احرزته من انتصار في العراق ـ تختلط فيها مصالح الولايات المتحدة الاميركية واسرائيل، من خلال تمرير خارطتي طريق اثنتين ، تحقق واشنطن من خلال الاولى هيمنتها وسيادتها على نظام شرق اوسطي ، فيما تؤسس اسرائيل من خلال الثانية الى تحقيق خطوة استراتيجية على طريق اقامة دولتها الكبرى من الفرات الى النيل ! وفي هذا الاطار والسياق يأتي انعقاد المؤتمر الاوروبي الشرق اوسطي [ يوروميد ] بمشاركة اسرائيلية ، وحضور عربي حذر ، ليؤكد ظهور ملامح استحقاقات مصيرية وتاريخية في حياة العرب والمسلمين ، لن تصب بحال في مصالحهم القطرية او القومية .. إن المرحلة واستحقاقاتها المصيرية الخطيرة تفرض أن يكون القرار العربي الرسمي على مستوى كرامة هذه الامة وطموحات شعوبها وجماهيرها . وإننا لمنتظرون !!
خامساً: أن الحديث عن منطقة تجارة حرة والدخول في منظمة التجارة العالمية لا يعني سوى المزيد من تكريس التبعية الاقتصادية للخارج، فالاقتصاديات العربية غير قادرة على المنافسة في ظل الأوضاع الراهنة. الواضح أن المشروع الأمريكي الجديد الذي يجيء في وقت تعيش فيه المنطقة حالة من الضعف والتشرذم لن يكون في صالح المنطقة وأبنائها، وإنما هو يرمي إلى إعادة تشكيل المنطقة سياسياً واقتصادياً وثقافياً وفق المنظومة الأمريكية لتحقيق المصالح الأمريكية والصهيونية، ولتصبح المنطقة نسخة مكررة من مناطق التبعية الكاملة للنموذج الأمريكي، وذلك لاشك يفقد المنطقة خصوصيتها الحضارية وهويتها الإسلامية، وهنا مكمن الخطر، كما أن ذلك المشروع يحقق بطريق مباشر دمج الكيان الصهيوني في المنطقة العربية بعد دمجها في النموذج الأمريكي. إن معارضة المشروع الأمريكي لا تعني معارضة الشعارات الإنسانية التي رفعها، فإسلامنا واضح في احترامه للحرية والدعوية إليها، وواضح في تأكيده الحفاظ على حقوق الإنسان، وواضح في رفض العنف. ولسنا في حاجة إلى تقديم أدلة على ذلك، فما حاجتنا إذن لمشاريع تفرض علينا من الخارج إذا كان لدينا ما هو أكثر منها ثراءً وقيمة، ولماذا لا ترفع واشنطن يدها عن المنطقة وتتخلى عن دعم الأنظمة الانقلابية الدكتاتورية التي صنعتها وتترك شعوب المنطقة ترسم طريقها بنفسها؟ إننا نكرر دعوتنا للحكومات العربية أن تدرك خطورة ما يبيت للمنطقة وأن تسارع للالتحام بشعوبها، وتسرع في خطوات الإصلاح نحو الحرية واحترام حقوق الإنسان، انطلاقاً من إسلامنا العظيم ومبادئ كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه لقطع الطريق على تلك المشاريع. إن الفرصة مواتية اليوم بعد أن اتضحت المواقف الأمريكية، حتى تجاه بعض الأنظمة المتعاونة معها لأن تتحد كلمة الحكومات والشعوب لتحقيق ما يرضي الله عز وجل وتقر به أعين الشعوب التواقة إلى تحكيم الشرع والعيش تحت ظله الوارف. يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون (24) (الأنفال:24).
أخطار المشروع الأمريكي لإعادة هيكلة الشرق الأوسط ــــــــــــــــــــــــــــــ بعد أن وضعت القوات الأمريكية يدها على العراق، خرج الرئيس الأمريكي جورج بوش مساء السبت الماضي (10 مايو الجاري) على العالم برؤيته المفصلة ومشروعه لإعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط أو إعادة هيكلة العالم العربي، كما يقال. وقد أعاد المشروع طرح عدد من المبادرات التي سبق طرحها على فترات متباعدة عن الديمقراطية والمرأة والمبادرات الثقافية. مشروع الرئيس بوش تضمن عدداً من المحاور التي تدور حول أهمية تطبيق الديمقراطية واقتلاع النظم الدكتاتورية وإنشاء منطقة للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة وفرض التسوية بين العرب والكيان الصهيوني ومحاربة ما تسميه واشنطن بالإرهاب. ورغم ما حاولوا إضفاءه من بريق على المشروع إلا أنه يجدر بنا التوقف أمام النقاط التالية: أولاً: إن هذا المشروع جاء طرحه عقب حرب مدمرة فعلت فيها الآلة العسكرية الأمريكية فعلتها بوضوح وأكدت فيها الإدارة الأمريكية عدم تخليها عن استراتيجية فرض الهيمنة على العالم. والمعروف أن الدولة المهيمنة لا تندفع نحو إقامة نظام عالمي بدوافع إنسانية أو مصالح الشعوب وإنما بدافع المصلحة الذاتية حسبما تراها. كما أن المشروع الأمريكي جاء بعد أن اهتزت مصداقية كثير من القيم والمبادئ التي روجت لها الولايات المتحدة عن احترام حقوق الإنسان والعدالة وحرية الأشخاص، وقد تبدى ذلك السقوط في مجموعة القوانين المقيدة للحريات داخل الولايات المتحدة نفسها مثل قانون الأدلة السرية وغيره من القوانين الاستثنائية التي استهدفت المواطنين الأمريكيين من ذوي الأصول العربية والمسلمة، الأمر الذي يجعل المرء يتردد في تصديق أن واشنطن جادة بحق فيما تروج له عن سعيها لتحسين حال الحريات في العالم، وتشكك أن وراء ذلك دوافع هيمنة وسيطرة في إطار عملية احتواء لعالمنا العربي. ثانياً: أن المشروع وفي معرض تناوله للقضاء على الإرهاب خلط بين المقاومة المشروعة، والأنظمة القمعية في المنطقة، فقد وضع المقاومة الفلسطينية للاحتلال وهي مقاومة مشروعة وفق نصوص القانون الدولي في سلة الإرهاب الذي تمارسه الأنظمة الدكتاتورية، وساوى في هذا الصدد بين حركتي حماس والجهاد الإسلامي وبقية فصائل المقاومة وما قام به صدام حسين من جرائم في حق شعبه، وفي حق المنطقة، وما يقوم به شارون من إجرام بحق الشعب الفلسطيني، وذلك خلط مرفوض، بل إن الرئيس بوش حث الشعب الفلسطيني والدول العربية على محاربة ما أسماه "إرهاب" منظمات المقاومة، وقال مدغدغاً مشاعر الشعب الفلسطيني المتشوق لقيام دولته : "وإذا ما اتخذ الشعب الفلسطيني خطوات راسخة أكيدة نحو مكافحة الإرهاب وإذا ما استمر في السير على طريق السلام والإصلاح وتحقيق الديمقراطية فإنه سيشهد كما سيشهد كل العالم علم فلسطين يرفرف فوق دولة حرة مستقلة.. وعلى الدول العربية أن تحارب الإرهاب بكل أشكاله وأن تعترف وتقر كلياً ونهائياً بالواقع، وهو أن لإسرائيل حق البقاء والعيش كدولة يهودية في سلام مع جيرانها". وكان وزير الخارجية الأمريكي كولن باول صريحاً خلال مؤتمره الصحفي الذي عقده في القاهرة يوم الإثنين الماضي حين أفصح عما يعنيه بالإرهاب في فلسطين، مشيراً بالاسم إلى حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وعلى هذا فلم نكن مبالغين إذن حين أكدنا أكثر من مرة أن ما يعنيه الغرب وواشنطن بالإرهاب، الحركات الإسلامية والتيار الإسلامي الداعي إلى التمسك بالهوية الإسلامية والمدافع عن قضايا الأمة. ولا ندري ماذا تقصد واشنطن بما أكد عليه الرئيس بوش من ضرورة الإصلاح القضائي في المنطقة، ولا نفهم من ذلك سوى النية للحيلولة دون سيادة قوانينا الإسلامية النابعة من ديننا على النظام القضائي، وأن ينزع من هذا النظام أى قوانين يُشتمُّ منها رائحة الإسلام ليكون نظاماً علمانياً منبت الصلة بعقيدة مجتمعاتنا وقيمها، وهذا ما يصطدم بإرادة شعوب المنطقة ومشاعرها. وقد قال الرئيس الأمريكي في هذا الصدد: "ولذا فإن أمريكا سترعى بالتعاون مع حكومة البحرين ندوة إقليمية لبحث الإصلاح القضائي، وإنه لمن دواعي سروري أن عضو المحكمة العليا ساندرا داي أوكونو قد وافقت على ترؤس هذا المجهود.."! ثالثاً: الغريب أن الولايات المتحدة التي تطلق هذه المبادرات اليوم هي التي أسهمت بطريق مباشر وغير مباشر في التمكين للحالة الدكتاتورية القمعية التي عانت منها المنطقة والشعوب العربية عبر الأنظمة الثورية الدكتاتورية التي صنعتها، كما أنها دعمت بالغطاء السياسي والمساعدات المادية تلك الأنظمة وثبَّتت حكمها وقبضتها الحديدية على شعوبها، ولطالما ارتفعت أصوات المخلصين لسنوات تطالب بالحرية والديمقراطية ومراعاة حقوق الإنسان، ولم تعرها واشنطن اهتماماً، فقد كانت وما زالت عوناً لتلك الأنظمة على القمع والحكم الدكتاتوري، فما الذي يدعوها اليوم لكي تطرح مشروعاً لفرض الديمقراطية فرضاً على المنطقة خلال عشر سنوات كما قال كولن باول يتناقض مع مواقفها السابقة؟ رابعاً: إن تطبيق القيم والمبادئ يجد طريقه للنجاح عندما يكون نابعاً من الأرض التي تطبق فيها والذي يبدو من المشروع الأمريكي أنه مشروع مستورد مفروض على المنطقة عنوة .. فالشراكة هنا تبدو قسرية وبدون سابقة ترتيب أو تفاهم. |