الحمد لله الذي علم بالقلم ، علم الانسان ما لم يعلم . والصلاة والسلام على معلم الناس الخير ، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ، ونحن على ذلك من الشاهدين .. وبعد :
فمنذ فترة ليست بالقصيرة أخذت تبرز في ساحة العمل الاسلامي ، ووسط الحركات الاسلامية ، ظاهرة مرضية خبيثة ، تعرف بظاهرة صراع الأجيال .
ومن أعراض هذه الظاهرة ، حدوث التنافر والتناقض بين أجيال الحركة الواحدة ، وأحيانا بين أبناء الجيل الواحد ؟
* تقويم الظاهرة :
إن اختلاف وجهات النظر بين الأجيال أمر طبيعي وبديهي ، حتى في القضية الواحدة، وذلك لتفاوت القدرات والخبرات بين هذه الأجيال .. وهذا من شأنه أن ينضج البحث والقرار ، ويثري العمل ، وهو مفيد ونافع وليس معيبا أو ضارا .
إنما من غير الطبيعي ، أن يؤدي إختلاف وجهات النظر في القضايا المطروحة الى نزاع وشقاق ، والى تنافر وتدابر ، مما يذهب الود والاخاء ، ويزرع العداوة والبغضاء بين أبناء الحركة الواحدة .
* من آثار هذه الظاهرة :
لهذه الظاهرة آثار خطيرة ومدمرة على الحركة الاسلامية ، ما لم تبادر الى معالجتها ، من هذه الآثار :
Ø ضعف الاخوة التي هي عماد تماسك البنية التنظيمية وقوتها ومناعتها .
Ø سقوط الاحترام المتبادل بين الاجيال ، وبالتالي غياب المعادلة النبوية التي عناها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله :{ ليس منا من لم يوقر كبيره ، ويرحم صغيره }
Ø الانشغال بالصراع الداخلي عن لصراع الخراجي ، مع أعداء الاسلام ، مما يجعل جبهة الحركة هشا ً ضعيفا ً ، لايقوى على شيء ..
Ø إرتفاع الحفظ الالهي عن الحركة ، الذي هو سبب فلاحها ، وسر نجاحها ، وعامل توفيقها وهداها .
Ø حصول انعدام وزن لدى الحركة في كل جانب من جوانب عملها .. فهناك انعدام وزن في توزيع المسؤوليات ، وحدود الصلاحيات ، واحترام الحقوق والواجبات ، الى ما لا نهاية له .
* من أسباب هذه الظاهرة :
تتعدد الأسباب التي تقف وراء هذه الظاهرة ، وحسبي في هذه العجالة أن أذكر التالي :
Ø حرص الأجيال القديمة على الاستئثار بالمواقع التنظيمية ، بذريعة أنها الأحرص على مصلحة الحركة ، والأقدر على ذلك .
Ø غياب التأهيل الاداري والقيادي للأجيال الجديدة ، مما يؤهلها لأخذ دورها ومكانها في العمل وبجودة واتقان ، فان هي أخذت دورها من غير تأهيل ـ لسبب أو لآخر ـ وقعت الأخطاء ، وحصل الانكار والاستنكار ، وكان ذلك ذريعة للإقصاء ؟
Ø عدم التسليم بوجود جدارات ومؤهلات في الأجيال الجديدة ، قد تكون معدومة أو غير موجودة لدى الكبار بسبب تغير الأزمنة وما فيها من جديد العلوم والثقافات والاختصاصات ، أو قد يكون بعض الجديد أجدر من بعض القديم ، مما يفرض تناغم الجميع وتعاون الجميع وحرص الجميع على الجميع ، ضــمن قاعـدة [ وضع الشخص المناسب في المكان المناسب ] بصرف النظر عن السن .. فالرسول صلى الله عليه وسلم قلد اسامة بن زيد قيادة الجيش ـ وهو شاب ـ وفي الجيش كبار الصحابة ، ولقد أبقى أبو بكر الصديق رضي الله عنه هذا الخيار بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنفذ الجيش لقتال المرتدين.
الثلاثاء 7 رمضان 1423 هـ الموافق 12 تشرين الثاني2002 م |