توطئة
ان النظام السياسي ، كما الحياة والممارسة السياسية في لبنان ، لاتزال امتدادا لمعايير الاقطاع السياسي القديم ، وتوارثا للمواقع النيابية والوزارية مذهبيا وعشائريا وعائليا ، واقتساما للمغانم والحصص وتوزيعها وفق هذه الخارطة ..
والعقلية السياسية الحاكمة او المتزعمة لاتزال عقلية [ فردية ومتفردة ] ومتسلطة على المؤسسات والادارات الواقعة في دائرة زعامتها .. وهذا ما جعل لبنان مجموعة مقاطعات وجزر وكونتونات خاضعة لهذا الزعيم او المسؤول او ذاك ، ولو على حساب المصلحة العامة؟
والقوانين نفسها ـ كقانون الانتخابات النيابية والبلدية وغيرها ـ يجري سنها وفق هذه المعادلات ، وعلى قياس الاشخاص وليس على قياس لبنان ومصالحه العليا .
وفي هذا الاطار عينه تقوم العلاقة بين الرئاسات الثلاث ، ويجري التعامل ، فيما يسمى [ الترويكا ] وفيما ما يشبه تقاسم الحصص [ المحاصصة ] ، وهذا بلا شك نمط من انماط التخلف الذي يعيق تقدم لبنان وتطوره " قوانين ومؤسسات ودولة " ؟
مفهوم الاصلاح ؟
ان مفهوم الاصلاح بالنسبة لهذا التجمع يشمل الجوانب كلها . واذا كان المقصود من المبادرة في الاساس هو تحقيق الاصلاح السياسي ، فلأن اي اصلاح آخر لا يمكن ان يتحقق من غير اصلاح سياسي .. فالاصلاح السياسي هو سقف الاصلاح الاداري والقانوني والمالي والاجتماعي وغيره ، وهو شرطه ؟
ان اصلاح قمة الهرم من شأنه ان يساعد على اصلاح القاعدة ، والبدء باصلاح من هم في الاعلى هو السبيل الوحيد لاصلاح من هم دون ذلك ، وفي الحديث النبوي [ صنفان من امتي اذا صلحا صلح الناس ، واذا فسدا فسد الناس : العلماء والامراء ]
والاصلاح صنفان : نفسي وحسي ، مادي ومعنوي . ففي الاصلاح الاداري مثلا لايكفي تطوير آلية الادارة وتحديثها عبر [ المكننة ] وانما لابد من من تطوير[ الانسان ] وتحسين سلوكه وأدائه . والرشوة في الادارة او غيرها هي ناتج انحراف الانسان نفسه لا الوسيلة التي يعتمدها ؟
من هنا كان لابد من ادخال القيم على عملية الاصلاح .. وصولا الى ممارسة السياسة بقيم واخلاق ، وممارسة الادارة بأمانة وشفافية ، وهكذا ..
ونود في هذه المبادرة ان نسقط مقولة [ ان السياسة لا أخلاق لها ] ونحقق المواءمة والمزاوجة بين الاخلاق والسياسية .
ترشيد السياسات
ان من منهجية الاصلاح في هذه التجمع ، التأكيد على ترشيد السياسات المختلفة .
فالسياسات تشكل البعد والافق الذي يضبط الممارسة ، فاذا كانت السياسات رشيدة جاءت القوانين والاجراءات سديدة .
ان من اهم خطوات الاصلاح وضع سياسات راشدة لكل القطاعات وبدن استثناء . لكالقطاع التربوي والتعليمي ، والقطاع الاعلامي ، والقطاع الاقتصادي ، والقطاع الصحي والبيئي ، والقطاع الزراعي والصناعي ، الخ ..
ثم ان من ابرز عوامل نجاح الترشيد إبعاده عن دائرة التجاذب المصلحي أيا كان ؟
ثوابت تحكم هذا التجمع
ان هذا التجمع محكوم بثوابت، لأنه لا استمرار ولا نجاح ولاجدوى لآي مشروع او تكتل سياسي بدونها ، وهي تشكل عناوين رئيسية لحاضرلبنان ومستقبله ، كما لعلاقاته العربية والاسلامية والدولية ، من ذلك :
* الانتماء الديني : مضمون المادتين التاسعة والتاسعة والعشرين من الدستور نصا وروحا .
*الانتماء العربي : مضمون الفقرة [ ب ] من المباديء العامة لوثيقة الوفاق الوطني .
*النظام السياسي : مضمون الفقرة الثانية [ الاصلاحات السياسية ] في وثيقة الوفاق الوطني ، والفقرة المتعلقة بالغاء الطائفية السياسية .
*النظام الاقتصادي : مضمون الفقرة الاولى من الوثيقة [ المباديء العامة ]
* المشروع الصهيوني والخيار المقاوم : رفض خيار المفاوضات وجميع اشكال الاتفاقات والتطبيع ، واعتماد خيار التحرير عبر آلية [ المقاومة ]
*التعددية الحضارية والانفتاح العالمي : ترشيد الواقع التعددي للبنان ، من خلال توسعة دائرة الاتفاق وتضييق دائرة الخلاف ، وتحقيق التجانس الحضاري بين الطوائف ، والانفتاح على العالم افادة واستفادة .
طرابلس انطلاق ومحور .. لماذا ؟
|