يقول الداعية فتحي يكن رحمه الله , في كتابه الرائع "أبجديات التصور الحركي" : من أبرز العوامل التي تساعد الداعية المسلم على العطاء الناضج المستمر ، تمكنه من تحقيق التوازن بين اهتماماته ، وقدرته على النهوض بكامل مسئولياته ، دونما تفريط أو إفراط ، ودونما تغليب جانب على آخر . فالداعية أمام مسؤوليات ثلاث : 1 ـ مسئوليته تجاه نفسه . 2 ـ مسئوليته تجاه أهله . 3 ـ مسئوليته تجاه مجتمعه . والداعية الموفق الناجح ، هو الذي يحفظ معادلة التوازن هذه ، فيعطي كل جانب من هذه الجوانب حقه من الاهتمام ، تنفيذًا لتعاليم النبوة ، وامتثالاً لقول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( إن لنفسك عليك حقًّا ، وإن لزوجك عليك حقًّا ، وإن لربك عليك حقًّا ، فأعط كل ذي حق حقه ) . والذين لا يتقيدون بهذه القاعدة ، ولا يعملون على تحقيق التوازن بين اهتماماتهم ، ويغالون في الاهتمام بجانب من مسؤولياتهم على حساب الجوانب الأخرى .. إن هؤلاء في أكثر الأحيان يفقدون عنصر الاستقرار في حياتهم ، ولا يملكون القدرة على الاستمرار في دعوتهم . وإذا كان الإسلام يفرض على الأخ المسلم أن يوازن بين اهتماماته تلك ، فلكي يتمكن من تحقيق قوامة الدعوة على جوانب حياته كلها ، وبذلك يكون رجل الدعوة في كل الميادين الخاصة والعامة . ومن أخطر الأمراض التي تصيب الدعاة والعاملين للإسلام ، اهتمامهم بالإسلام خلال عمل الدعوة ، وانفصامهم عنه خارج هذا النطاق ، سواء في شؤونهم الخاصة أو العائلية أو الوظيفية ,بمعنى أن هؤلاء يعيشون الإسلام من خلال أجواء التنظيم فقط ، ثم ينسلخون عنه فيما عدا ذلك من أجواء ، وبذلك يكون الإسلام في وادٍ وحياتهم الخاصة والعائلية في وادٍ آخر . وإذا كان على الأخ المسلم تحقيق المعادلة بين مسؤولياته المتعددة ، فإن عليه كذلك أن يعمل على تحقيق التوازن في نطاق كل مسؤولية من هذه المسئوليات . |