louis vuitton
ugg online
التعريف بالمؤسسة
نشاط سالم يكن
بيانات ومواقف
الإخوان المسلمون
الحركات الإسلامية
الجماعة الإسلامية
فقهيات معاصرة
مراصد الموقع
أبواب دعوية
إستشارات دعوية
حوارات ومحاضرات
بأقلام الدعاة
مواقع صديقة
ملفات خاصة
اتصل بنا


  مختارات نوعية | فتنة السلطة

الإسلاميون ... وفتنة السلطة

فتنة مقاربة الحكام

تعريف السلطة:

السلطة هي القدرة على فرض إرادة ما على إرادة أخرى. وتمثل الدولة السلطة التي تعلو على سلطة أي جماعة أخرى في المجتمع.

والحياة في المجتمعات هي التي جعلت من الضروري أن توجد سلطة تؤمن النظام والأمن وتوفّر العمل المستمر وتنسق العلاقات بغية تحقيق مصلحة المجموع.

وفي الدولة الحديثة سلطات عديدة كالسلطة التنفيذية، والسلطة التشريعية، والسلطة القضائية، والسلطة السياسية. وهذه السلطة الأخيرة هي أهم أنواع السلطات الحديثة. وهي قد تتمثل في حزب أو في تنظيم سياسي أو في رئيس الدولة، غير أنه كلما اتسعت قاعدة تمثيل السلطة السياسية، كانت هذه السلطة أكثر نفعاً وجدوى للمجتمع، وكانت أكثر استقراراً.

فتن السلطة:

إن فتن السلطة من الكثرة بما لا يمكن أن يُحصى أو يُعد، حصل من ذلك ما حصل قديماً، ويحصل ما يحصل منه حديثاً، مما يخرج على المألوف ويتجاوز كل ما هو معروف.

والأخطر من كل ذلك أن هذه الفتن على تعاظمها وتنوعها، باتت تهدد كل مشروع إسلامي بالإجهاض بالرغم من اعتداله ووسطيته وعقلانيته وواقعيته خطاباً وأداءً.

والأهم من هذا وذاك هو اكتشاف هذه الفتن، واستكشاف خلفياتها وأسبابها الحقيقية، والمبادرة إلى الأخذ بكل متطلبات العلاج..

وسأحاول تحت هذا العنوان تلمس معظم الفتن التي أصابت الإسلاميين قبل وصولهم إلى السلطة وبعد ذلك، وعلة الله التكلان.

فتنة مقاربة الحكام:

إن مقاربة الإسلاميين للحكام ومعاشرتهم، سلاح ذو حدّين، فإما أن يفضي إلى نصح الحكام وإصلاحهم وهذا مطلوب ومشكور، وإما أن يؤدي إلى إفساد الإسلاميين وفساد دينهم، وإحباط مشروعهم، وصولاً إلى استيعابهم، وهذا مذموم مرفوض، ومخيف وخطير.

عادة ما تكون مجالسة الحكام بعيدة عن الخير إلا من رحم ربك، وهؤلاء قليل في عصرنا هذا.. بل إن معظم الحكام هم نسيج مشروع مريب، ومستوعبين من قوى كبرى بجهل أو بعلم.

والإسلاميون الذين يبلغون مواقع القرار وبخاصة (المجالس النيابية) مضطرون لأن تكون لهم علائق بالسلطات التنفيذية وبالحكام والوزراء لمتابعة شؤون الناس، وقضايا الأمة.

فإن بقيت العلائق ضمن هذه الدوائر وتلك الحدود، دونما إسراف في المجالسة، أو إمعان في المعاشرة، أو تلذذ في المنادمة.

بل إن هذه العلائق إن سخرت لاستيعاب هؤلاء (الحكام) والتأثير بهم، أو الاستيعاب منهم، فإن في ذلك ذلك الخير الكبير والأجر الجزيل. ولكن القليل من الإسلاميين المؤهلين لذلك.

ويحضرني في هذا المقام ما أورده الإمام (أبو الفرج عبد الرحمن الجوزي) في كتابه "صيد الخاطر" وهو يتحدث عن تجربته في نطاق مقاربة الحكام حيث قال: (كنت في بداية الصبوة قد ألهمت طريق الزهاد بإدامة الصوم والصلاة.. وحُببت إلى الخلوة، فكنت أجد قلباً طيباً، وكانت عين بصيرتي قوية حادة. فانتهى الأمر بي إلى أن صار بعض ولاة الأمور يستحسن كلامي، فأمالني إليه، فمال الطبع، ففقدت تلك الحلاوة..

ثم استمالني آخر فكنت أتقي مخالطته ومطاعمه لخوف الشبهات، وكانت حالة مريبة.. ثم جاء التأويل فانبسطت فيما يباح، فانعدم ما كنت أجد من استنارة وسكينة، وصارت المخالطة توجب ظلمة في القلب، إلى أن انعدم النور كله. فاجتذبني لطف مولاي بي إلى الخلوة على كراهو مني. ورد قلبي على بعد ونفور عني، وأراني عيب ما كنت أؤثره، فأفقت من مرض غفلتي).

إن هذه الحالة قد تصيب معظم الذين يسترسلون في المخالطة خوفاً أو طمعاً، وانجذاباً وراء حظوظ النفوس التي تهفو إلى الاستعلاء والوجاهة، فضلاً عن تحقيق المصالح الشخصية والمآرب الدنيوية..

فكم من (إسلامي) التقمته حيتان السلطة وابتلعته قصور السلاطين.. وكم من (داعية) التحق بالحكام وترك دعوته التي صنعته وخان الأمانة، ونكث العهد وطعن إخوانه في الصميم.

لا أقول هذا تجنياً على أحد، ولا أتحدث عن ذلك افتئاتاً أو افتراضاً.. وإنما أتكلم عن أحداث وحوادث جرت في عدد من الأقطار سمعت عنها بأذني، ورأيتها بعيني، وعانيت والدعوة الكثير من آثارها وعواقبها..

-         في مصر، وفي الخمسينات.. التهمت السلطة من الدعاة والعلماء من التهمت، وكان أحدهم عضواً في مكتب الإرشاد.

-        وفي العراق باع البعض مبادئهم بعرض زائل وأصبحوا وطية لطاغوت هذا البلد ومن زبانية سلطاته، وأصبح بأسهم على إخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان شديداً وقوياً.

-         وأذكر أن آذناً في مسجد تعهدته الحركة الإسلامية في الأردن فتعلم وتعمم، ثم رشحته لعضوية المجلس النيابي ونجح. وما أن أحس بحلاوة الموقع وفتنة الموضع.. حتى انقلب عدواً لحركته وجماعته وما يزال على ذلك حتى اليوم..

-         ومن الجديد مما وقع على هذا الصعيد.. أن أحدهم استماله السلطان، فاستمرأ مجالسته بالرغم من إنكار جماعته لسياسته، وحجبها الثقة عن حكومته، وكان يتذرع بأنه يتابع أحوال الرعية، من خلال الراعي، ويقوم بقضاء حاجات الناس من خلال الحالكم.. وكانت النتيجة أن هذا الذي خدع بالسطان لم يتمكن من إنجاز قضية! وسقى جماعته المنية في الانتخابات النيابية.. وصدق الله تعالى إذ يقول:  } فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوماً فاسقين(54){ (الزخرف). (أي استخف فرعون بقومه).

الجانب الآخر:

هذا الجانب المظلم والمعتم يقابله الجانب المضيء الوضيء.. الجانب الذي نرى فيه أرتالاً من الدعاة يصدعون بالحق ولا يخشون في الله لومة لائم..

-         نرى فيه الشهيد عبد القادر عودة يتقدم من حبل المشنقة ساخراً من جلاديه فرحاً بلقاء الله.

-         ونرى فيه الشهيد سيد قطب يرتضي الموت ويرفض أن يكون عوناً للطواغيت وقد عرضت عليه المناصب فأعرض واستعلا.

-         ثم نرى اليوم مئات الدعاة في كل مكان يساقون إلى السجون والمعتقلات بغير ذنب اقترفوه إلا أن "قالوا ربنا الله".

-         إن هذه المواقف المشرقة المضيئة، هي المواقف المنسجمة مع التوجه الإسلامي السليم والهدي النبوي الكريم.

-         قال رسول الله r: "سيكون أمراء فسقة جورة. فمن دخل عليهم فصدّقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم فليس مني، وليس بوارد على الحوض". رواه مسلم.

-               وروى ابن خلكان عن الحسن البصري مع والي العراق ابن هبيرة قال: (لما ولي عمر بن هبيرة الفزاري العراق، وأضيفت إليه خراسان، وذلك في أيام يزيد بن عبد الملك، استدعى الحسن البصري ومحمد بن سيرين والشعبي.. فقال لهم: إن يزيد خليفة الله استخلفه على عباده، وأخد عليهم الميثاق بطاعته، وأخذ عهدنا بالسمع والطاعة، وقد ولاني ما ترون، فيكتب إلي بالأمر من أمره فأقلده ما تقلده من ذلك الأمر فما ترون؟

-         فقال ابن سيرين والشعبي قولاً فيه تقية، قال ابن هبيرة: ما تقول يا حسن؟ فقال: يا ابن هبيرة خَفِ الله في يزيد، ولا تخف يزيد في الله، إن الله يمنعك من يزيد زإن يزيد لا يمنعك من الله، وأوشك أن يبعث إليك ملكاً، فيزيلك عن سريرك ويخرجك من سعة قصرك، إلى ضيق قبرك، ثم لا ينجيك إلا عملك. يا ابن هبيرة، إن تعص الله فإنما جعل الله السلطان ناصراً لدين الله وعباده، فلا تركبن دين الله وعباده لسلطان الله، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق). (أبو الحسن الندوي "رجال الفكر والدعوة").

-        ويروى عن عمرو بن عبيد أنه قال للمنصور: إن الله أعطاك الدنيا بأسرها، فاشتر نفسك ببعضها، واذكر ليلة تمخض عن يوم لا ليلة بعدها، فوجم أبو جعفر من قوله فقال له الربيع: يا عمرو، غممت أمير المؤمنين، فقال عمرو: إن هذا صحبك عشرين سنة لم ير عليك أن ينصحك يوماً واحداً، وما عمل وراء بابك بشيء من كتاب الله ولا سنة نبيّه. قال أبو جعفر: فما أصنع قد قلت لك: خاتمي في يدك فتعال وأصحابك فاكفني، قال عمرو: ادعنا بعدلك، تُسخُ أنفسنا بعونك، ببابك ألف مظلمة. اردد منها شيئاً نعلم أنك صادق.

الإسلاميون.. وفتن السلطة

فتنة الصراع والاقتتال والاستئثار بالسلطة

من أشد الفتن خطراً، وأعظمها ضرراً على الإسلاميين، في دينهم ودنياهم، وعلى الإطلاق، ما يدخلهم دائرة الصراع والاقتتال الدموي، لإثبات الذات، والاتئثار بالسلطة.

فلكم أريقت دماء وانتهكت حرمات، وتشكلت عداوات بين أبناء الصف الواحد، والفصيل الواحد.. على امتداد التاريخ الإسلامي.

إن هذه الظواهر المقززة الشنعية أدت وتؤدي، في العصر الحديث، إلى إجهاض المشاريع الإسلامية في عدد من الأقطار التي كانت أمل الإسلاميين في كل مكان، بل أمل المسلمين أجمعين.

في أفغانستان:

كائناً ما كانت الأسباب والذرائع التي تقف وراء الفتن التي ذرّت قرنها في هذا البلد الإسلامي الحبيب، وبمن نعرف من ألأحباب، والذين كانوا في بداية الجهاد الأفغاني صفاً واحداً، وقلباً واحداً، وقيادة واحدة.. فإنها لا تعدل شيئاً، مقابل ما تسببه من سخط الله وغضبه، وحلول نقمته وعقوبته..

فما أن سقط النظام الشيوعي وانسحبت القوات العسكرية السوفياتية من أفغانستان، وبدأت المشاورات والخطوات التمهيدية لتشكيل السلطة، حتى انقلبت المعادلات، وظهرت الخلافات، واستشرت الفتن، وبدأت المحن، وأصبح بأس الإسلاميين بينهم أشد وأضرى مما كان على عدوّهم!!

لا تغيب عني وأنا أكتب هذه الكلمات.. المؤامرات المختلفة والمتعددة والمتنوعة، التي حيكت للإيقاع بينهم، وللوصول بهم إلى ما وصلوا إليه.. إلا أن ذلك يمكن تجاوزه والالتفاف عليه من خلال (الإيثار لا الأثرة)، ومن خلال (الخوف من الله لا الاجتراء عليه)، ومن خلال المحافظة على (الحب والأخوة في الله)، و(الاعتصام بحبله)، والحرص على الوحدة ولو بالتنازل عن بعض المكاسب السلطوية، فضلاً عن تنقية الصف من الدخلاء، وتحصينه من الاختراق.

في الجزائر:

.. وما جرى ويجري في الجزائر، يفوق كل وصف، ويتجاوز كل حد، ويذهل كل عقل، ويدمي كل قلب.

كانت المواجهة ابتداءً بين (الجبهو الإسلامية للإنقاذ) وبين السلطة.. ثم بينهما وبين (حركة المجتمع الإسلامي – حماس).. وبعد ذلك انشقت الجبهة إلى جبهات، وخرج من رحمها (الجماعة الإسلامية المسلحة) التي نُسبت ولا تزال تُنسب إليها ارتكابات وممارسات لا تمت إلى الإسلام بصلة.. ثم ارتفعت حُمى الانسقاقات، وازداد توالد الكتائب والمجموعات المسلحة، وتحولت الحرب من حرب، كما كانوا يدّعون مع (السلطة العلمانية)، إلى حروب إسلامية – إسلامية، وإلى مجازر يومية.

فهذا ينشق عن أميره ويشكل مجموعة.. ثم يأمر بإعدام من كان بالأمس أميراً عليه! وحسبنا في هذه العجالة أن نعدد بعضاً من هذه الكتائب والمجموعات المنشقة عن بعضها البعض، لنرى صورة المشروع الإسلامي الذي تتناقله وسائل الإعلام العالمي، وتراقبه الدوائر المختلفة، بل وتديره الأجهزة الأمنية الغربية بشكل أو بآخر!!!

ويمكن رسم خريطة الحركات المسلحة في الجزائر كالتالي:

-    الجيش الإسلامي للإنقاذ: وهو الجناح العسكري لجبهة الإنقاذ الإسلامية.

-    الجماعة الإسلامية المسلحة: وقد ظهرت على الساحة كفصيل مناوئ للجبهة الإسلامية، بعد فشل المحاولات التي بذلت للإطاحة بالسلطة الإنقلابية في البلاد، وبداية ظهرو آراء في الجبهة تدعو إلى الدخول في نوع من المفاوضات مع السلطة لإيجاد حل يخرج البلاد من حمام الدم.. الغارقة فيه، وقد رفضت الجماعة المسلحة أي اتصال بالسلطة لتشكل الطرف المقابل للتيار الاستئصالي في الحكم.. الرافض أيضاً للتفاوض والحوار.. وأخذت هذه الجماعة توجه شيئاً فشيئاً نيرانها العسكرية والسياسية والإعلامية نحو جبهة الإنقاذ، عاملة على الاستفدة من حدة خطابها لاستقطاب الشباب المنضوين في الجبهة، وأخذت تعتبر (الإنقاذ) وبعض رموزها كفرة وخونة.. فضلاً عن حركة (المجتمع الإسلامي – حماس)، التي ذهب عدد من كبار قيادتها ضحية هذا الأسلوب وأفكاره وطروحاته.

-    .. ولما ثبت عجز الجماعة المسلحة عن قلب نظام الحكم.. أخذت الانشقاقات تدب في جسمها، وراحت المجموعة تلو الأخرى تنسلخ عنها، وتصفي بعضها، وآخر من تعرض لهذه التصفية أمير الجماعة نفسه (جمال زيتوني) على أيدي بعض أنصاره الذين تقلب هواهم نحو (أمير) آخر!! ومن أبرز المجموعات المنشقة:

-          جماعة "الباقون على العهد".
-          جماعة عز الدين باعة.
-          جماعة أبو جميل.
-          جماعة الشلف.
-          كتيبة المدية.
-          كتيبة الجزارة.

خاتمة.. ودعوة للمعالجة:

لا أريد أن أقدم أمثلة من بلاد أخرى، لأن القضية لم تقف عند أفغانستان والجزائر، بل إن هذه الظاهرة تكررت في أكثر من قطر، إنما اكتفيت بما تقدم من كنماذج حديثة ومستمرة.
إن توصيف ما يجري لا يجدي نفعاً ما لم يدفع إلى استكشاف الأسباب الحقيقية التي تختفي وراء هذه الظواهر.. فتكرارها واستمرارها وخطرها على حاضر العمل الإسلامي ومستقبله يجب أن يدفع – وبخاصة أصحاب المواقع القيادية الإسلامي – في كل مكان إلى عقد لقاءات خاصة لمسح ما يجري وتحليله ووضع اليد على الأسباب التي أدت إليه:

-          سواء من ذلك الأسباب التربوية والمعرفية.
-          أو الأسباب السياسية المحلية والدولية.
-          أو الأسباب الأمنية المحلية والدولية.
-          ولتمحيص الأسباب العفوية من الأسباب المفتعلة.

من المحتوم أن هنالك أسباباً ظاهرة، وأخرى خفية أدت إلى حدوث هذه المآسي والفواجع. والواجب الشرعي يفرض إيلاء هذه القضية الاهتمام الأكبر، ووضعها في مطلع الأولويات على الإطلاق.

.. وحسبنا أن نذكر في الختام بقوله تعالى: }وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين(46){ (الأنفال).

.. وقوله سبحانه: }ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم(105){ (آل عمران).

.. كما نذكر بقول رسول الله r: "لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض، ويلعن بعضكم بعضاً"، وقوله r: "إذا اقتتل المسلمان.. فالقاتل والمقتول في النار". وقوله: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر.. فلا يروّعن مسلماً".


عرض الكل
moncler