louis vuitton
ugg online
التعريف بالمؤسسة
نشاط سالم يكن
بيانات ومواقف
الإخوان المسلمون
الحركات الإسلامية
الجماعة الإسلامية
فقهيات معاصرة
مراصد الموقع
أبواب دعوية
إستشارات دعوية
حوارات ومحاضرات
بأقلام الدعاة
مواقع صديقة
ملفات خاصة
اتصل بنا


  مرصد الداعية يكن | الحلقة الرابعة من كتاب العالم الاسلامي والمكائد الدولية "تأليف الداعية فتحي يكن رحمه الله"  -  10/12/2011 المكتب الاعلامي في مؤسسة الداعية فتحي يكن الفكرية الانسانية
"العالم الاسلامي والمكائد الدولية" خلال القرن الرابع عشر الهجري (الصفحة الرئيسية)


الفصْل الرّابع: مَكَائدُ الشّيُوعية العالمية


2-الوجودية تيار أفرزته الشيوعية:

ولقد كانت الشيوعية عاملا مساعداً لانتشار ونمو كثير من الاتجاهات الفلسفية المادية التي تلتقي معها في أساس النظرة إلى الكون والانسان والحياة...
والوجودية كانت أبرز هذه التيارات على الاطلاق... ويعتبر (جان بول سارتر)(2) ذو النسب اليهودي واضع الفلسفة الوجودية...
وتقوم نظرية سارتر على ابطال مبررات الوجود وإبطال تفسيره والحكمة منه... ومن هنا تلتقي نظريته بالشيوعية من حيث إنكار وجود الله.
والوجودية دعوة جريئة للإباحية والتحرر من كل المعتقدات والأعراف والقيم والتقاليد, مما تعتبر المبرر الرئيسي لنشأة الفئات غير الطبيعية في العالم كالهيبيين, والخنافس, وأشياعهم من الليبراليين.
يقول سارتر (أن ما ينبغي أن تكون عليه حياة الوجودي هو توديع ما يسميه الجبناء وجداناً وضميراً والاستجابة إلى داعي الحيوانية وتلبية كل ما تدعو إليه شهواته, ونبذ كل التقاليد والتعاليم الإجتماعية, وتحطيم القيود التي ابتدعتها الأديان)(3).

3-الغزو الشيوعي لأقطار العالم الاسلامي:

وتحت ستار محاربة (الامبريالية) وتحرير الطبقة العاملة وتحقيق العدالة الاجتماعية, تمكنت الشيوعية من غزو البلاد الاسلامية, كما تمكنت من إنشاء تنظيمات تابعة للقيادة المركزية في طول العالم الاسلامي وعرضه...
ولقد أحدث هذا الغزو هزة عنيفة في أدمغة الأجيال, كان من نتائجها الأولية تشكُكها في وجود الله وسائر المسلمات الغيبية, بل ورفضها للأفكار والقيم الدينية جمعاء...
وكنتيجة لإقصاء الاسلام عن الحكم والحياة بعد إسقاط الخلافة, وعدم ممارسته كتشريع في الدولة وسائر مجالات الحياة, وعزله في الطقوس والشعائر العبادية, تسارعت خطوات الغزو الشيوعي وتفاقمت وبخاصة في السنوات الأولى للثورة الشيوعية وقبل بدء اليقظة الاسلامية الجديدة في منتصف القرن الرابع عشر الهجري.

-العالم الاسلامي وفَخُ الصداقة الشيوعية:

والعالم الاسلامي الذي وقع ضحية جرائم وابتزاز الاستعمار الغربي والفرنسي والانكليزي والاميركي ردحا طويلا من الزمن, والذي لم يعد قادراً – بعد سقوط الخلافة – على مواجهة مشكلاته وقضاياه المصيرية بنفسه.. وبسبب من التحضير النفسي والسياسي الذي قامت به الأحزاب الشيوعية وسط الجماهير المسلمة... ولوصول عدد من الاتجاهات اليسارية والاشتراكية إلى الحكم في بعض الأقطار الاسلامية.. بسبب من كل هذا وغيره وَجَدَ العالم الاسلامي نفسه منساقاً للتعاون مع العسكر الشيوعي الذي راح يتناغمُ بشكل وبآخر مع القضايا والمشكلات المصيرية التي تسببها الإستعمار الغربي ابتداءً في كثير من أقطاره... وبذلك اصبح الاتحاد السوفياتي والمنظومة الاشتراكية في نظر الكثيرين السند الذي يمكن أن يعتمد عليه في الحالات الصعبة, وفي الحصول على العون الاقتصادي والعسكري وغيره... بل إن الكثيرين باتوا يفرقون بين الاتحاد السوفياتي كدولة وبينه كحزب, وبعبارة أخرى بين الاتحاد السوفياتي كسياسة وبينه كعقيدة.
وبذلك أصبح المعسكرُ الشرقي حليفاً وصديقاً لعدد من أقطار العالم الاسلامي تربطه بها معاهدات عسكرية تماماً كما هو الحال مع مجموعة أخرى من الدول الاسلامية التي تربطها بدول الاستعمار الغربي وعلى رأسها أميركا معاهداتٌ واتفاقات على أكثر من صعيد.
وهذا ما جعل العالم الاسلامي بؤَر صراع, على مناطق النفوذ بين المعسكرين العُظميين, وجعل شعوب هذا العالم تحترق في بؤر الصراع هذه على نحو ما يجري في أفغانستان ولبنان وعدد من الدول الافريقية والاسيوية وبخاصة حربُ الاستنزاف القائمة بين العراق وإيران, وبوجهٍ أخص ما تتعرض له القضية الفلسطينية من تآمر دولي..
إن هذا الارتهان الذي تعيشه الدول العربية والاسلامية لسياسة هذا المعسكر أو ذاك, وأن دوران الأنظمة المختلفة في فلك جبابرة الأرض وتوليها عن جبار السموات والأرض, وإن إعراضها عن الإسلام مصدر القوة والوحدة والعزة والكرامة, وإقبالها على القومية تارة والرأسمالية تارة والاشتراكية تارة, وانخداعها بشعاراتها الزائفة, واملاءاتها الكاذبة, إن كل ذلك جعلها أمة مسحوقة مهزومة مفككة, تستجدي القوة والحلول لمشكلاتها من أعدائها والمتآمرين عليها. من هنا ستكون كل ثورة إسلامية محل استغراب عالمي... لأنها تخرج على (مألوفات الحكام والشعوب) وتلفت الناس إلى بديهيات كانوا عنها غافلين... هذه البديهيات التي تطرحها الثورة الإسلامية ليست مقولات إقليمية أو بضاعة خاصة بثورة الأشخاص القائمين عليها وإنما هي في الحقيقة (مقولات الإسلام).
- بإعلان الثورة الإسلامية أنها (لا شرقية ولا غربية) تلغي المعزوفة القائلة بحتمية الانتماء السياسي لأحد المعسكرين...
- وبإعلان أن ولاءها المطلق (لله) لا لواشنطن ولا لموسكو تلفت الناس إلى حقيقة دفينة في نفوسهم, مسجاة في فطرتهم, تأبى الفلسفة المادية إلاّ أن تنكرها, ( ويأبى الله إلاّ أن يتم نوره ولو كره الكافرون( .
- وبإعلان الثورة رفضها للنظامين الرأسمالي والشيوعي حين اختارت الإسلام منهجاً لحياتها ودستوراً تكسر قاعدة هيمنة التشريعات الوضعية, وتعيد حق التشريع إلى مصدره الأول الأصيل, وهو حق الله وحده.
- وفوق هذا وذاك.. فقد تطرح الثورة الإسلامية – عملياً – فكرة قيام القوة الثالثة تجاه القوتين العظميين.. القوة القادرة على وقف سباق التسلح, وعلى وقف التواطؤ الدولي على مقدرات الشعوب وحرياتها, وعلى تحقيق الأمن والاستقرار العالميين, وعلى تكريس إنسانية الإنسان لا حيوانيته, على وضع الطموحات المادية ضمن أُطُر عقيدية وأخلاقية صحيحة... ولا نكون مبالغين إذا قلنا, إن في أعماق الشعوب – كل الشعوب – فراغاً رهيباً لم تملأه كل ُ الانجازات المادية الحديثة.. هذا الفراغ كائن في أعماق الانسان في المعسكر الشيوعي كما هو كائن في أعماق الانسان في المعسكر الغربي. إننا بكل قوة وإيمان وتصميم نطرحُ الاسلام من جديد كحل حتمي لمشكلات الانسان والعالم, لمشكلاته النفسية والاقتصادية والسياسية. وإن الحل الاسلامي هذا قادمٌ لا محالة – بعون الله – لا بد منه, ولا غنى عنه, مهما حيل بينه وبين الجماهير, ومهما زُرع في طريق دعاته من أشواك, ومهما حُفر من أخاديد ( وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد( . إن على الجماهير المسلمة أن تدرك أنه لا خيار لها في الاختيار... إن مكانها الطبيعي مع الاسلام ضد أعدائه والمتآمرين عليه...
يا أتباع محمد بن عبد الله... اسمعوا ما قاله محمدُ بن عبد الله. ثم قرروا بعد ذلك في أي منطلق تنطلقون.. وإلى أي اتجاه تسيرون. وأية راية ترفعون.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ألا إن رحى الاسلام دائرة فدوروا مع الاسلام حيث دار.. ألا إن الكتاب والسلطان سيفترقان فلا تفارقوا الكتاب... ألا إنه سيكون عليكم امراء, يُقضون لأنفسهم ما لا يقضون لكم.. إن عصيتموهم قتلوكم, وإن اطعتموهم أضلوكم.
قالوا يا رسول الله : كيف نصنع؟ قال: كما صنع أصحاب عيسى بن مريم عليه السلام, نُشروا بالمناشير, وحُملوا على الخشب. موت في طاعة الله خير من حياة في معصية..) .
وأخيرا.. اسمعوا إلى حتمية انتصار الاسلام, من خلال بشارة رسول الله ( لأمته حيث يقول:
(تكون نبوةٌ ما شاء اللهُ لها أن تكون ثم تنقضي.. ثم تكون خلافةٌ راشدة على منهاج النبوة ما شاء الله لها أن تكون ثم تنقضي.. ثم يكون ملك عضود (وراثيا) ما شاء الله أن يكون ثم ينقضي.. ثم تكون جبرية (ديكتاتورية) ما شاء الله لها أن تكون ثم تنقضي.. ثم تكون خلافة راشدة على منهاج النبوة تعم الأرض).
ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.
قل عسى أن يكون قريبا والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

المُلحَق الوَثَائقي ويتضمن

- الوثيقة الأولى : اتفاقية سايكس – بيكو
- الوثيقة الثانية : رسائل متبادلة حول سايكس – بيكو
- الوثيقة الثالثة : قضية الشيخ علي عبد الرازق
- الوثيقة الرابعة : قضية منصور فهمي
- الوثيقة الخامسة: قضية طه حسين
- الوثيقة السادسة: قضية أمين الخولي
- الوثيقة السابعة : المخابرات المركزية
- الوثيقة الثامنة : اتفاقات كامب ديفيد
- الوثيقة التاسعة : بروتوكولات حكماء صهيون.

المُلحَق الوَثَائقي

الوثيقة رقم (1): نص معاهدة (سايكس – بيكو)

المادة الأولى: إن فرنسا وبريطانيا العظمى مستعدتان أن تعترفا وتحميا دولة عربية مستقلة, أو حلف دول عربية, تحت رئاسة رئيس عربي في المنطقتين (أ) داخلية سورية و (ب) داخلية العراق, المبينتين في الخريطة الملحقة.. ويكون لفرنسا في منطقة (أ) ولانكلترا في منطقة (ب) حق الأولوية في المشروعات والقروض المحلية... وتنفرد فرنسا في منطقة (أ) وإنكلترا في منطقة (ب) بتقديم المستشارين والموظفين الأجانب بناء على طلب الحكومة العربية, أو حلف الحكومات العربية...
المادة الثانية: يباح لفرنسا في المنطقة الزرقاء (شقة سوريا الساحلية) ولإنكلترا في المنطقة الحمراء (شقة العراق الساحلية من بغداد حتى خليج فارس) إنشاء ما ترغبان فيه من شكل الحكم, مباشرة أو بالواسطة أو من المراقبة بعد الاتفاق مع الحكومة أو حلف الحكومات العربية.
المادة الثالثة: تنشأ إدارة دولية في المنطقة السمراء (فلسطين) يعين شكلها بعد استشارة روسيا وبالاتفاق مع بقية الحلفاء وممثلي شريف مكة...

المادة الرابعة: تنال انكلترا ما يأتي:
1- ميناء حيفا وعكا..
2- يضمن مقدار محدود من ماء دجلة والفرات في المنطقة (أ) للمنطقة (ب) وتتعهد حكومة جلالة الملك من جهتها بأن لا تدخل في مفاوضات ما مع دولة أخرى للتنازل عن (قبرص) إلا بعد موفقة الحكومة الفرنسية.
المادة الخامسة: تكون اسكندرونة ميناء حراً لتجارة الامبراطورية البريطانية, ولا تنشأ معاملات مختلفة في رسوم الميناء, ولا ترفض تسهيلات خاصة للملاحة والبضائع البريطانية, وتباح حرية النقل للبضائع الانكليزية عن طريق اسكندرونة وسكة الحديد في المنطقة الزرقاء, سواء كانت واردة من المنطقة الحمراء أو إلى المنطقتين (أ) و(ب) أو صادرة منهما.. ولا تنشأ معاملات مختلفة (مباشرة أو غير مباشرة) على أي سكة من سكك الحديد أو في أي ميناء من موانئ المناطق المذكورة تمس البضائع والبواخر البريطانية.
وتكون حيفاء ميناء حراً لتجارة فرنسا ومستعمراتها والبلاد الواقعة تحت حمايتها, ولا يقع اختلاف في المعاملات, ولا يرفض إعطاء تسهيلات للملاحة والبضائع الفرنسية, ويكون نقل البضائع الفرنسية حراً بطريق حيفا, وعلى سكة الحديد الانكليزية في المنطقة السمراء, سواء كانت البضائع صادرة من المنطقة الزرقاء أو الحمراء أو المنطقة (أ) أو المنطقة (ب) أو واردة إليها, ولا يجري أدنى اختلاف في المعاملة بالذات أو التبع يمس البضائع أو البواخر الفرنسية في أي سكة من سكك الحديد ولا في ميناء من الموانيء في المناطق المذكورة..
المادة السادسة: لا تمد سكة حديد بغداد في المنطقة (أ) إلى ما بعد الموصل جنوبا, ولا في المنطقة (ب) إلى ما بعد سامراء شمالا, إلى أن يتم إنشاء خط حديدي يصل بغداد بحلب ماراً بوادي الفرات ويكون ذلك بمساعدة الحكومتين.
المادة السابعة: يحق لبريطانيا العظمى أن تنشئ وتدير وتكون المالكة الوحيدة لخط حديدي يصل حيفا بالمنطقة (ب) ويكون لها ما عدا ذلك حق دائم بنقل الجنود في أي وقت كان على طول هذا الخط, ويجب أن يكون معلوماً لدى الحكومتين, أن هذا الخط يجب أن يسهل اتصال حيفا ببغداد, وأنه إذا حالت دون إنشاء خط الاتصال في المنطقة السمراء مصاعب فنية ونفقات وافرة لإدارته تجعل إنشاءه متعذراً فالحكومة الفرنسية تكون مستعدة أن تسمح بمروره عن طريق : (بربورة – أم القيس – ملقى – إيدار – مقاير) قبل أن يصل إلى المنطقة (ب).
المادة الثامنة: تبقى تعرفة الجمارك التركية نافذة عشرين سنة في جميع جهات المنطقتين الزرقاء والحمراء والمنطقة (أ) و (ب) فلا تضاف أي علاوة على الرسوم ولا تبدل قاعدة التخمين في الرسوم بقاعدة أخذ العين, إلا أن يكون بالاتفاق بين الحكومتين. ولا تنشأ جمارك داخلية بين أية منطقة وأخرى من المناطق المذكورة أعلاه, وما يفرض من رسوم الجمرك على البضائع المرسلة إلى الداخل يدفع في الميناء ولا يعطى لإدارة المنطقة المرسلة إليها البضائع.
المادة التاسعة: من المتفق عليه أن الحكومة الفرنسية لا تجري مفاوضة في أي وقت كان للتنازل عن حقوقها, ولا تعطي ما لها من الحقوق في المنطقة الزرقاء لدولة أخرى إلا للدولة العربية أو حلف الدول العربية بدون أن توافق على ذلك – سلفاً – حكومة جلالة الملك, التي تتعهد للحكومة الفرنسية بمثل هذا فيما يتعلق بالمنطقة الحمراء.
المادة العاشرة: تتفق الحكومتان (الانكليزية والفرنسية) بصفتهما حاميتين للدولة العربية, على أن لا تمتلكا ولا تسمحا لدولة ثالثة أن تمتلك أقطاراً في شبه جزيرة العرب, أو تنشئ قاعدة بحرية في الجزائر الواقعة على الساحل الشرقي للبحر الأحمر على أن هذا لا يمنع تصحيحاً في حدود (عدن) قد يصبح ضروريا بسبب عداء الترك الأخير..
المادة الحادية عشرة: من المتفق عليه عدا ما ذكر, أن تنظر الحكومتان في الوسائل اللازمة لمراقبة جلب السلاح إلى البلاد العربية...

الوثيقة رقم (2): اتفاقية سايكس – بيكو والرسائل المتبادلة

(1) نص الرسائل المتبادلة في مباحثات معاهدة (سايكس – بيكو)
في يوم 9 نوفمبر (تشرين الثاني) 1915 عينت الحكومة الفرنسية السيد (جورج بيكو) قنصلها العام في بيروت سابقاً, مندوباً سامياً لمتابعة شؤون الشرق الأدنى, ولمفاوضة الحكومة البريطانية في مستقبل البلاد العربية. واتجه إلى القاهرة واجتمع بالسيد (مارك سايكس) النائب في مجلس النواب البريطاني, والمندوب السامي لشؤون الشرق الأدنى... ودارت بين هذين المندوبين مباحثات أشرف عليها معتمد روسيا..
وفي شهر مايو (أيار) 1916 تم الاتفاق نهائياً بين المندوبين. فأرسل (مسيو بول كامبون) سفير فرنسا في لندن الكتاب التالي يوم 9 مايو (أيار) إلى (السير ادوار غراي وزير الخارجية البريطانية : (أمرت أن أبلغكم أن الحكومة الفرنسية قبلت الحدود التي رسمت على الخرائط الموقعة من جانب (السير مارك سايكس والمسيو جورج بيكو) ورضيت بالمبادئ التي دارت علها المفاوضات بينهما, وهي تنتظر التوقيع على نصوص الاتفاقية المرسلة طيه (نص الاتفاقية).
وفي يوم 15 مايو (أيار) 1916 أرسل (السير ادوار غراي وزير الخارجية البريطانية إلى سفير فرنسا في لندن الكتاب التالي:

(لي الشرف أن أجيبكم على كتابكم المؤرخ 9 الجاري والخاص بإيجاد حكومة (عربية)... إني أنتظر أن تعلموني مباشرة في ما إذا كان في إمكانكم إعطائي ضمانات تضمن حقوق الملاحة والامتيازات البريطانية في المعاهد المؤسسات الدينية ومعاهد التعليم والمعاهد الصحية في المناطق التي ستصير في ما بعد مناطق فرنسية أو في المناطق التي ستسود فيها المصالح الفرنسية وفقا للقواعد الواردة في كتابكم...).
ولقد رد السفير الفرنسي في اليوم نفسه بالخطاب التالي: (لقد أعربتم في كتابكم بتاريخ اليوم عن رغبتكم, قبل الرد على كتابي الخاص بمسألة تأليف حكومة عربية والمؤرخ في 9 الجاري في الحصول على ما يضمن لكم دوام بقاء امتيازات حقوق الملاحة, وكذلك جميع الحقوق والامتيازات البريطانية في المؤسسات الدينية ومعاهد التعليم وفي المعاهد الصحية في المناطق التي تصير فيما بعد مناطق فرنسية, أو في المناطق التي تسود فيها المصالح الفرنسية.. كما أن حكومة جلالة ملك بريطانيا العظمى ستعترف بهذا الحق عينه لفرنسا في المناطق التي تصير فيما بعد مناطق بريطانية, فلي الشرف أن أبلغكم أن حكومة فرنسا مستعدة للمصادقة على جميع الامتيازات البريطانية المختلفة التي يرجع تاريخها إلى زمن معين قبل الحرب في المناطق التي تنتسب إلى فرنسا فيما بعد أو المناطق التي تعتمد على مجهوداتها فيها.. أما فيما يختص بالمؤسسات الدينية ومعاهد التعليم والمعاهد الصحية, فإنها ستظل كما هي في الماضي مستمرة في أداء مهمتها.. وألفت نظركم في الوقت نفسه إلى أن هذا العهد لا يشمل الامتيازات الأجنبية أو ما يتعلق بالأمور العدلية والقضاء..).
ولقد رد عليه (السير ادوار غراي في 16 منه بما يلي : (جوابا لخطابكم المؤرخ في 15 الجاري لي الشرف أن أبلغ سعادتكم أن قبول جميع هذه التكليفات والترتيبات بهيئتها الحالية مما يوجب إهمال المصالح البريطانية العظيمة. غير أنه لما كانت حكومة جلالة الملك ترجو الفوائد العميمة لمصالح الحلفاء عامة بإحداث حالة سياسية داخلية مساعدة في تركيا, فقد استعدت لقبول المواد المتفق عليها, لضمان اشتراك العرب في الحرب, ولكي يقوموا بواجب التحالف فيحتلوا : حلب وحماه وحمص ودمشق... فإذن حصل التفاهم بين انكلترا وفرنسا فيما يتعلق بالشروط الواردة في كتابكم المؤرخ 9 الجاري).

الوثيقة رقم (3): حول قضية الشيخ علي عبد الرازق

انعقدت هيئة كبار العلماء برياسة المرحوم محمد أبي الفضل الجيزاوي, شيخ الجامع الأزهر في ذلك الوقت, صباح الأربعاء 22 المحرم سنة 1344هـ (12 أغسطس سنة 1925) وكان عدد أعضائها أربعة وعشرين عالما. ولما مثل علي عبد الرازق أمام الهيئة حياها بقوله " السلام عليكم" فلم يرد عليه أحد. وبعد مناقشة طويلة, أصدرت الهيئة حكمها بإدانة المتهم, وإخراجه من زمرة العلماء...
ويترتب على الحكم المذكور : محو اسم المحكوم عليه من سجلات الجامع الأزهر والمعاهد الأخرى, وطرده من كل وظيفة, وقطع مرتباته في أي جهة كانت وعدم أهليته للقيام بأية وظيفة عمومية, دينية كانت أو غير دينية...

أما حيثيات الحكم, فنوجزها فيما يلي:

1- أن الشيخ عليا جعل الشريعة الاسلامية, شريعة روحية محضة لا علاقة لها بالحكم والتنفيذ في أمور الدنيا..
وقد ردت الهيئة على هذا الزعم الباطل بأن الدين الاسلامي هو إجماع المسلمين على ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم , من عقائد وعبادات, ومعاملات لإصلاح أمور الدنيا والآخرة, وأن كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , كلاهما مشتمل على أحكام كثيرة في أمور الدنيا, وأحكام كثيرة في أمور الآخرة...
وقالت الهيئة : وواضح من كلامه – المؤلف – أن الشريعة الاسلامية عنده شريعة روحية محضة, جاءت لتنظيم العلاقات بين الانسان وربه فقط, وأن ما بين الناس من المعاملات الدنيوية وتدبير الشؤون العامة فلا شأن للشريعة به, وليس من مقاصدها...
وهل في استطاعة الشيخ أن يشطر الدين الاسلامي شطرين, ويلغي منه شطر الأحكام المتعلقة بأمور الدنيا, ويضرب بآيات الكتاب العزيز, وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض الحائط...
2- ومن حيث أنه زعم أن الدين لا يمنع أن جهاد النبي صلى الله عليه وسلم كان في سبيل الملك, لا في سبيل الدين, ولا لإبلاغ الدعوة إلى العالمين...
فقد قال : (... وظاهر أول وهلة أن الجهاد لا يكون لمجرد الدعوة إلى الدين, ولا لحمل الناس على الايمان بالله ورسوله...)
ثم قال : (... وإذا كان صلى الله عليه وسلم قد لجأ إلى القوة والرهبة, فذلك لا يكون في سبيل الدعوة إلى الدين وإبلاغ رسالته إلى العالمين, وما يكون لنا أن نفهم إلا أنه كان في سبيل الملك..)
على أنه لا يقف عند هذا الحد, بل كما جوز أن يكون الجهاد في سبيل الملك, ومن الشئون الملكية, جوز أن تكون الزكاة والجزية والغنائم, ونحو ذلك في سبيل الملك أيضاً, وجعل كل ذلك على هذا خارجاً عن حدود رسالة النبي صلى الله عليه وسلم , لم ينزل به وحي ولم يأمر به الله تعالى...
والشيخ على لا يمنع أن يصادم صريح آيات الكتاب العزيز. فضلا عن صريح الأحاديث المعروفة, ولا يمنع أن ينكر معلوماً من الدين بالضرورة...
وذكرت الهيئة الآيات الواردة في الجهاد في سبيل الله, والآيات الخاصة بالزكاة, وتنظيم الصدقات, وتقسيم الغنائم, وهي كثيرة...
3- ومن حيث أنه زعم أن نظام الحكم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان موضع غموض, أو إبهام, أو اضطراب, أو نقص, وموجباً للحيرة..
وقد رضي لنفسه بعد ذلك مذهباً, هو قوله : (إنما كانت ولاية محمد صلى الله عليه وسلم على المؤمنين ولاية رسالة غير مشوبة بشيء من الحكم). وهذه هي الطريقة الخطيرة التي خرج إليها, وهي أنه جرد النبي صلى الله عليه وسلم من الحكم...
وما زعمه الشيخ علي مصادم لصريح القرآن الكريم. فقد قال الله تعالى : ( إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله( ثم أوردت الهيئة آيات كثيرة تتضمن معنى الآية السابقة, وتنحو نحوها...
4- ومن حيث أنه زعم أن مهمة النبي صلى الله عليه وسلم كانت بلاغا للشريعة مجرداً عن الحكم والتنفيذ, ولو صح هذا لكان رفضاً لجميع آيات الأحكام الكثيرة الواردة في القرآن الكريم... ومخالفاً أيضاً لصريح السنة, ثم أوردت الهيئة كثيراً من الأحادث التي تهدم مزاعم المؤلف, وختمت ذلك بقولها : (فهل يجوز أن يقال بعد ذلك في محمد صلى الله عليه وسلم , أن عمله السماوي لم يتجاوز حدود البلاغ المجرد من كل معاني السلطان وأنه لم يكلف أن يأخذ الناس بما جاءهم به, ولا أن يحملهم عليه)...
5- ومن حيث أنه أنكر إجماع الصحابة على وجوب نصب الإمام, وعلى أنه لا بد للأمة ممن يقوم بأمرها في الدين والدنيا. وقال إنه يقف في ذلك في صف جماعة غير قليلة من أهل القبلة, يعني بعض الخوارج والأصم, وهو دفاع لا يبرئه من أنه خرج على الإجماع المتواتر عند المسلمين. وحسبه في بدعته أنه في صف الخوارج, لا في صف جماهير المسلمين...
6- ومن حيث أنه أنكر أن القضاء وظيفة شرعية, قال إن الذين ذهبوا أن القضاء وظيفة شرعية, جعلوه متفرغاً عن الخلافة, فمن أنكر الخلافة أنكر القضاء..
وكلامه غير صحيح, فالقضاء ثابت بالدين على كل تقدير, تمسكاً بالأدلة الشرعية التي لا يستطاع نقضها...
7- ومن حيث أنه زعم أن حكومة أبي بكر, والخلفاء الراشدين من بعده, رضي الله عنهم, كانت لا دينية, وهذه جرأة لا دينية ودفاع الشيخ علي بأن الذي يقصده من أن زعامة أبي بكر لا دينية, أنها لا تستند إلى وحي, ولا إلى رسالة, مضحك موقع في الأسف, فإن أحداً لا يتوهم أن أبا بكر رضي الله عنه, كان نبياً يوحى إليه, حتى يعنى الشيخ علي بدفع هذا التوهم..
ولقد بايع أبا بكر رضي الله عنه, جماهير الصحابة من أنصار ومهاجرين, على أنه القائم بأمر الدين في هذه الأمة بعد نبيها محمد صلى الله عليه وسلم..
وإن ما وصم به الشيخ علي أبا بكر رضي الله عنه, من أن حكومته لا دينية, لم يقدم على مثله أحد من المسلمين.. فالله حسبه, ولكن الذي يطعن في مقام النبوة, يسهل عليه كثيراً ان يطعن في مقام أبي بكر وإخوانه الخلفاء الراشدين, رضي الله عنهم أجمعين.
هذه خلاصة الحيثيات التي بنت عليها هيئة كبار العلماء حكمها السالف الذكر, ولما كان الحكم قد صدر في شهر أغسطس, أي في وقت الصيف حيث كانت دار المندوب السامي خالية من كبار رجالها, لم يستطع هؤلاء أن يعملوا شيئاً لإنقاذ الشيخ علي وبخاصة بعد صدور حكم هيئة كبار العلماء, وثورة الرأي العام ضد المؤلف فتخلوا عنه كما هي عادتهم في مثل هذه الظروف, وبذلك فصل من وظيفته, وقد كشفت صحيفة (ليفربول بوست) البريطانية عن هذه القبائح والمنكرات التي دبرها الاستعمار الريطاني, واتخذ علي عبد الرازق وسيلة لتنفيذها, تعاونه طغمة من حزب الأحرار الدستوريين, نشرت الصحيفة المذكورة في 13 أغسطس سنة 1925 مقالا جاء فيه (... ولما عجز الأزهر عن حمل الحكومة على محاكمة الشيخ عبد الرازق, أصدر قرارا بفصله من زمرة العلماء(1) ...

الوثيقة رقم (4): حول قضية منصور فهمي

سافر منصور فهمي إلى فرنسا سنة 1908 في بعثة على نفقة الجامعة المصرية, فوضع رسالة للحصول على درجة دكتوراه الدولة موضوعها " حالة المرأة في التقاليد الإسلامية وتطوراتها".
وقد جاء في صفحة 15 ما ترجمته:
" محمد يشرع لجميع الناس ويستثني نفسه " "ومع أنه – يعني محمداً – كان المشرع الذي ينبغي أن يخضع لما يدعو إلى تطبيقه على الآخرين, إلا أنه كان له ضعفه, واختص نفسه ببعض المزايا".
وقال في الصفحة المتقدمة ما ترجمته :
"... وفي الساعة التي كان يعود فيها إلى شعوره كإنسان, كان ينبغي عليه أن يدرك أن من الصعب عليه أن يخضع للقوانين التي جاهر بها باسم الرب, ومع ذلك فإنه عزم باعتباره رسولاً, أن يلزم بقوانينه الأمة التي يريد أن ينشئها, إلا أنه سرعان ما وجد حلاً لتلك المشكلة, فاختص من حمل برسالة إلهية بميزات لا يحظى بها العاديون من الفانين.."
وقال في صفحة 16 ما ترجمته :
" هكذا نجد أنه – يعني محمداً – بعد أن ينام نوماً عميقاً, يقوم ليؤدي صلواته دون أن يجدد طهوره ووضوءه, على حين أن المؤمنين الآخرين, كان عليهم الشروع في وضوء وطهور جديد. ومن أجل أن يبرر الاستثناء الذي عمل لصالحه, اكتفى بأن قال : إن عيني تنام, ولا ينام قلبي أبداً..".
وقال في صفحة 18 ما ترجمته :
" ولقد حد النبي من نظام تعدد الزوجات إلا أنه تعدى بالنسبة إلى نفسه ما وضعه من حدود للآخرين. فمع أن بقية المؤمنين لم يكن في مقدورهم أن يتزوجوا بأكثر من أربع نساء, فإن محمداً أجاز لنفسه أن يتزوج بأكثر من ذلك. هذا كما أنه استلزم لشرعية الزواج دفع مهر, ووجود شهود, إلا أنه في زواجه أعفى نفسه من المهر والشهود"..
وهكذا مضى منصور فهمي في كتابه على هذه الوتيرة. ونشره في باريس سنة 1913.
وقد كتب المرحوم (محمد لطفي جمعة) مقالا طويلا نشرته صحيفة " المؤيد " في 28 يناير 1914 وفيه رد قوي على مزاعم منصور فهمي الذي اعتمد على الأحاديث الموضوعة والضعيفة, ومع ذلك فلم يشأ أن يفهمها على وجه صحيح, بل فهمها على وجه خطأ لأغراض قبيحة انطوت عليها نفسه الخبيثة..
وبين المرحوم محمد لطفي جمعة الحكمة في زواج النبي ( بأكثر من أربع, والظروف التي أحاطت بكل زواج, وما ترتب على ذلك من فوائد سياسية واجتماعية عززت مكانة الإسلام, ووطدت أركانه في شبه الجزيرة, وذكر أن حياة النبي عليه الصلاة والسلام, من يوم مولده إلى أن بعث وهو في الأربعين من عمره, كانت حياة طهر وعفاف, وصلاح واستقامة, ولو انه كان شهوانياً مفرطاً في حب النساء لاقتنى أكثر من امرأة, وبخاصة وأنه كان شاباً ولم توجد أمامه عقبة تحول بينه وبين التمتع بالنساء. أما وأنه قد تزوج بأكثر من امرأة, وهو بعد الأربعين, وبعد أن شغل بنشر الرسالة, وحمل أعباء الجهاد, فهذا لا يرجع إلى نزوات حيوانية, وإنما يرجع إلى ظروف خاصة, هي التي سبقت الإشارة إليها, واستشهد كاتب المقال بأقوال المنصفين من كتاب الغرب, وكلها في مدح النبي ( , والثناء عليه, والإشادة بطهره وعفافه, واستقامته ونزاهته...
على أن فترة الشك لم تطل عند منصور فهمي, فقد رجع إلى حظيرة الإسلام منذ سنة 1915, وله خطبة ألقاها في الاحتفال بعيد الهجرة سنة 1361هـ جاء فيها:
"... ذلك لأننا في هذا اليوم المحتفى بمقدمه, قد نتسمع في صميم وجداننا المرهف صوتاً مدوياً ينبعث من خلال هذه القرون الخالية ليلقي في سمعنا أنشودة البطولة المحمدية الرائعة, ويهز عواطفنا لمطلع دين جديد, إنساني سمح عظيم, ويذكرنا بروائع الجهاد البالغ حين حمل رسول الله ( أمانته, فحملها واثقا لكي يبلغها إلى الناس كاملة, ولكي تتشخص على الأرض نعمة الله حين يضع للناس دستوراً, ويرسم لحياتهم نظاما يؤمنهم من وساوس الشك, وينقذهم من تضليل الارتياب..."(1)
وله خطب كثيرة ومقالات تدل على عمق ايمانه بالله, وعلى تمسكه بالدين الإسلامي...


رابط الكتاب

  عرض كل الأخبار
moncler