"العالم الاسلامي والمكائد الدولية" خلال القرن الرابع عشر الهجري (الصفحة الرئيسية)
الحلقة الثانية من كتاب العالم الاسلامي والمكائد الدولية خلال القرن الرابع عشر الهجري
الفصل الثاني:مَكَائِد الصَليْبيّة الدَّوليَّة-
1- التوطؤ على الخلافة الإسلامية بين النصرانية و
كانت أولى الفواجع والنكبات التي مني بها العالم الإسلامي, ونزلت بساحة الإسلام, والتي تكاتفت عليها معاول الصليبية واليهودية, هي إسقاط الخلافة الإسلامية والقضاء على رمز قوة المسلمين ووحدتهم...
وبالرغم من أن القضاء على الخلافة الإسلامية جاء نتيجة خطة صليبية يهودية, بدأت عشية انتهاء الحروب الصليبية عام 690هـ كما يقول أحد مؤرخيهم ويدعى (ديجوفارا) الذي قال (إن الخطة للقضاء على الدولة العثمانية الإسلامية قد بدأت عشية انتهاء الحروب الصليبية عام 1291م (690هـ) واستمرت حتى حققت أهدافها عام 1918م.. إن أصل العداوة المزمنة التي يشعر بها الأوروبيون للأتراك, راجعة إلى العداء الشديد الواقع بين النصرانية والإسلام)(1).
بالرغم من العداء والتخطيط المزمن فإن عملية تنفيذ الإنقلاب العسكري وتوقيته جاء نتيجة المواقف الصلبة التي وقفها الخليفة عبد الحميد من مخططات (هرتزل) التآمرية على فلسطين. ففي عام 1898, تمكن هرتزل والحاخام اليهودي (موشيه ليفي) بعد توسط السفارة الألمانية, من مقابلة عبد الحميد في اسطنبول. وتقدم هرتزل من الخليفة الذي شككت فيه كثير من الأقلام والجهات وقال له:
(مولانا صاحب الشوكة, جلالة السلطان.. لقد وكّلنا عبيدكم اليهود بتقديم أسمى آيات التبجيل والرجاء, عبيدكم المخلصون اليهود يقبلون التراب الذي تدوسونه, ويستعطفونكم للهجرة إلى فلسطين المقدسة.. ولقاء أوامركم العالية الجليلة نرجو أن تتفضلوا بقبول هديتهم, خمسة ملايين ليرة ذهبية)
ولما كان السلطان عبد الحميد قد احيط علما – مسبقا – بقرار المؤتمر العالمي للصهيونية في سويسرا, وعلى علم بوصول المهاجرين اليهود من روسيا.. لذا كان يفهم ما يقصده الوفد اليهودي من هديته.. لذلك وبعد أن استمع إلى هذا العرض أمر – وبكل هدوء – مرافقه أن يطردهم من القصر, وأصدر على الفور أمرا بمنع هجرة اليهود إلى فلسطين)(1).
ولقد دفع الخليفة العثماني ثمن هذا الموقف كما يدفع كل المؤمنين أثمانا باهظة لمواقفهم الصَّلبة العنيدة... ففي عام 1327هـ قام (مصطفى كمال) وهو من يهود الدونما, بحركته وتم خلعُ الخليفة عبد الحميد... وفي عام 1343هـ صدر القرارُ المشؤوم بإلغاء الخلافة الإسلامية وتحويل تركيا إلى دولة علمانية. وتبع ذلك: إلغاءُ اللغة العربية, وإلغاءُ التشريعات الإسلامية, واعتمادُ الزي الأوروبي, ورفعُ الأذان باللغة التركية, وإلغاءُ المدارس المحاكم الشرعية, وإلغاء التقويم الهجري, ومنعُ حجاب المرأة المسلمة, وإغلاق المسجدين الكبيرين في اسطنبول (آيا صوفيا ومحمد الفاتح) كما قامت السلطة بإعدام مئاتِ العلماء في مدينة (منامن)
ومما تجدر الإشارة إليه هنا, هو أن (ايمانويل قره صو) رئيس الجالية اليهودية في ولاية (سالونيك العثمانية) كان أحد أعضاء الوفد الذي حَمَلَ الى الخليفة العثماني قرارَ عزله عن الخلافة.
2-اتفاقية (سايكس - بيكو) واجتياحُ العالم الإسلامي:
وعلى أثر الانقلاب الصليبي اليهودي في تركيا تلاحقت الكوارث على العالم الإسلامي.. ففي عام 1335 هـ 1916م جرى توقيعُ اتفاقية (سايكس - بيكو)(2) وهي إتفاقية متممة للإتفاق الرئيسي الذي تم بين الدول الثلاث: (انكلترا – فرنسا – روسيا) والتي قضت بتقسيم الدولة العثمانية الإسلامية وتوزيع (سوريا ولبنان وفلسطين والعراق) فيما بينها... وكان هذا بدايةَ مرحلة جديدة من الاجتياح العسكري والفكري الاستعماري الذي تعرضت له أقطار العالم الإسلامي. ولقد بقيت هذه الاتفاقية (سرية) لم يسمع العرب بوجودها إلا في كانون الأول عام 1917 عندما استولى الحزب الشيوعي في روسيا على السلطة ونشر نص هذه الاتفاقية, حيث بادر الأتراك بتقديمها (للشريف حسين) بغية الكف عن مناوأتهم والسير في ركاب الحلفاء...
وقد أرسل الشريف حسين فورا وبعد تبلغه نص الاتفاق إلى بريطانيا يستوضحها الخبر. فجاءه الرد من المعتمد البريطاني وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى, وفي مؤتمر الصلح كانت (اتفاقية سايكس – بيكو) موضع جدال بين فرنسا وانكلترا حول نافذة المفعول أو اعتبارها ملغاة... فكانت بريطانيا تدعو إلى إبطالها لأن أحد أطرافها (روسيا) أعلنت عدم إلتزامها بها... بينما كانت فرنسا تصر على أنها ملزمة للفريقين الآخرين. وكانت (انكلترا) تصر على موقفها ذاك لأن مصالحها تقتضي بذلك.. فقد جعلت الاتفاقية منطقة (الموصل وآبار البترول) فيها من نصيب فرنسا, كما وضعت الاتفاقية فلسطين تحت الإدارة الدولية, وذلك يحول دوم تمكن بريطانيا من تنفيذ وعد بلفور. أما إصرار فرنسا فقد نبع – هي كذلك – من مصالحها... فالاتفاقية هي الوثيقة الوحيدة التي تعترف بحق فرنسا في أملاك الدولة العثمانية..
وأخيرا, تم الاتفاق بين الدولتين الاستعماريتين, على أن تبقى الموصل في يد بريطانيا على أن تعطي لفرنسا حصة من نفطها. وقد أخذ هذا التنازل شكله النهائي في مؤتمر (سان ريمون) عام 1920م بعد أن نالت فرنسا حصة من النفط تساوي 23,75% من مجموعه...
3-وعد بلفور:
ما إن نجح التآمر الصليبي الصهويوني في إسقاط الخلافة الاسلامية, وتم توقيع اتفاقية (سايكس – بيكو), حتى تسارعت حلقات التآمر الأخرى...ففي عام 1336هـ
1917م وعدت بريطانيا عبر وزير خارجيتها (اللورد بلفور) اليهود بالعمل على إقامة وطن قومي يهودي في فلسطين وقد تم عرض التصريح على مجلس الوزراء البريطاني الذي أقره في 1 نوفمبر / تشرين الثاني 1917 وينص التصريح على ما يلي:
(إن حكومة صاحب الجلالة البريطانية تنظر بعطفٍ إلى إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين, وستبذل أقصى المحاولات لتسهيل تحقيق هذا الهدف, على أن يكون مفهوما أنه لن يتم القيام بأي عمل من شأنه النيل من الحقوق المدنية والدينية للطوائف غير اليهودية الموجودة حاليا في فلسطين, أو النيل من الحقوق والمركز السياسي اللذين يتمتع بهما اليهود في أي بلد آخر).
4-بروز النزعة القومية وقيام الدول على أسس علمانية
وكان من نتاج سقوط الخلافة بروز النزعة القومية في العالم الاسلامي ولقد عمد الاستعمار إلى إذكاء وتشجيع هذه النزعة ليكون الولاء لها والتعلق بها بدل الاسلام... فكان أن نشأت خلال هذه الفترة كثيرٌ من النظم والأحزاب على أساس الولاء للقَوميَّة العربية ومنها القومية السورية, ومنها القوميةُ الكردية, ومنها القومية الفرعونية. وهكذا تحقق لأعداء الإسلام ما يهدفون إليه من تحويل ولاء المسلمين عن الإسلام.
5-قيام الأحزاب القومية ذات المحتوى الماركسي:
لم تدُم النزعةُ القومية العربية المجردة فترةً طويلة حيث بدأت تنكفيء أمام الغزو الماركسي والأحزاب والشيوعية. ففي الخمسينات عُقد في بيروت اجتماع لدعاة القومية العربية يهدف إلى تبني محتوىً عقائديٍ للقومية العربية كان من نتائجه اعتبارُ الفكر الاشتراكي الماركسي المحتوى الأيديولوجي للحركات القومية العربية عموماً, كما نجم عنه انسحاباتٌ كثيرة من إطار العمل القومي بسبب من توجهاته الماركسية... وهكذا أصبحت العروبة مركباً للفكر اليساري والحركات الشيوعية.
6-مكائد الاستشراق للإسلام:
نَشِطت حركةُ الاستشراق في القرن الرابع عشر الهجري وبخاصة بعد سقوط الخلافة نشاطاً ملحوظاً... وتتلخصُ حركةُ الاستشراق هذه بأنها إحدى المحاولاتِ والأساليبِ التي اعتمدها الغربُ عَبْر العديد من مؤسساته وعلمائه للدس على الإسلام وإلقاء الكثير من المفتريات والأباطيل في محيط الإسلام وأفكاره ومصادره وتاريخه تحت مِظلةِ البحث العلمي...ومن الأمثلة التي يمكن أن تُساق على المكر والدس الاستشراقي ما كتبه (جولد تسيهر) في كتابه (العقيدة والشريعة في الإسلام) حيث يقول: (فتبشير النبيِ العربي ليس إلا مزيجا مُنتخباً من معارفَ وآراءٍ دينية عرفها واستقاها بسبب اتصاله بالعناصر اليهودية والمسيحية وغيرها, التي تأثَرَ بها تأثُّراً عميقا, والتي رآها جديرة بأن توقظ عاطفةً دينيةً حقيقيةً عند بني قومه) ولقد تسابقت الدول الأجنبية على تشجيع الظاهرة القومية في العالم الإسلامي لتكون بديلاً عن الإسلام..
ففي عام 1913م عقد مؤتمر سمي (المؤتمر العربي الأول) في باريس, شجعته السلطة الفرنسية وفتحت له القاعة الكبرى للجمعية الجغرافية ليعقد فيها جلساته(1) ... وفي هذا المؤتمر طرحت ولأول مرة طروحات مناقضة للدين حيث تجرأ رئيس المؤتمر (عبد الحميد الزهراوي) فقال (إن الرابطة الدينية قد عجزت دائماً عن إيجاد الوحدة السياسية. وأنا لا أرجع إلى التاريخ لأبرهن هذا, بل حسبي ما لدينا من الشواهد الحاضرة. أنظر إلى الحكومتين (العثمانية والفارسية) كيف لم تقدر رابطتها الدينية على إزالة اختلاف بسيط بينهما وهو الاختلاف المتعلق بالحدود...) وهكذا بدأت الفكرة القومية ترتدي الطابع العقيدي الاستعلائي العنصري, على نحو ما آلت إليه القوميات الأوروبية بل أشد وأعتى.. جاء على لسان (علي ناصر الدين) أحد رواد القومية العربية قوله (القومية بالنسبة إلينا نحن القوميين العرب دين له جنته وناره ولكن في الدنيا).
وقال عمر فاخوري (لا ينهض العرب حتى تصبح القومية العربية أو المبدأ العربي دينا يغارون عليه كما يغار المسلمون على القرآن الكريم والمسيحيون على الإنجيل الرحيم) من محاضرة للأستاذ محمد المبارك عام 1389هـ صفحة 85 أقيمت في رابطة العالم الإسلامي. فمن حملات الحركة الاستشراقية على القرآن الكريم زعمُها أنه من خيالِ محمد وأنْ لا علاقة له بالوحي... ومن الحملات الاستشراقية على شخصية الرسول ( تجرؤهم عليه بالطعن حتى في عِرضه... ومن الحملات الاستشراقية على السُّنة, ترويجُ الزعم بتصادمها مع العقل والعلم, وبالتشكيك في علومها ومصادرها... ومن الحملات الاستشراقية على التاريخ الإسلامي, تزيفُهم لكثير من الحقائق, ورميُهم لكثير من الشخصيات الإسلامية فيه بالبهتان والكذب.
ومن الحملات الاستشراقية على الإسلام طعنُهم باللغة العربية وبعدم إمكاناتها التعبيرية, وبالدعوة إلى إحلال العامية بدل الفصحى, ليقطعوا الأجيالَ مع الزمن عن التراث الإسلامي الأصيل...
(وسرت روحُ الهزيمة في طائفة عريضة ممن تثقفوا بقشور الثقافة الإسلامية أمامَ الهجمات الاستشراقية, مما ولدَ عندهم الشعورَ بالمذلة في الانتماء الى الفكر الإسلامي أو التربية الإسلامية أو الأعراف والمفاهيم الإسلامية, وولد حبَّ التخلص من هذا الانتماء بأي وسيلة... ولا زال المستشرقون بما أشربت قلوبهُم بغضَ القرآن الكريم وبغضَ الرسول ( لا زالوا هم سفراءَ النصرانية العالمية في جامعاتنا ومعاهدنا اليوم, وهم المستشارون الثقافيون لسفارات كثير من الدول الإسلامية يرصدونَ ما يَجري على الساحة الإسلامية للتبليغ وإتخاذ اللازم(1) ).
7-الهدم الاستشراقي من الداخل:
ومع تنامي الحركة الاستشراقية وامتدادها وغزوها للعالم الإسلامي ورجاله ومؤسساته ومعاهده أخذت ظواهر الانحراف والتشوه في الفكر الإسلامي المعاصر تبرز واضحة للعيان... ففي عام 1925م أصدر (الشيخ علي عبد الرازق) وكان قاضياً بمحكمة المنصورة الشرعية الابتدائية كتابه المملوء بالسموم الاستشراقية (الإسلام ونظام الحكم) وجاء في كتاب (الإسلام وسلطة الأمة) قوله: (إن هذه المسألة – أي الخلافة – دنيوية وسياسية أكثر من كونها مسألة دينية. وإنها من مصلحة الأمة نفسها مباشرة, ولم يرد بيان صريح في القرآن الكريم ولا في الأحاديث النبوية في كيفية نصب الخليفة وتعيينه وشروط الخلافة ما هي...)(2)
ويتابع قوله مستغربا: (إنه لعجب عجيب أن تأخذ بيدك كتاب الله الكريم, وتراجع النظر فيما بين فاتحته وسورة الناس, فترى فيه تصريف كل مثل, وتفصيل كل شيء من أمر هذا الدين (ما فرطنا في الكتاب من شيء) ثم لا تجد فيه ذكرا لتلك الإمامة العامة أو الخلافة إن في ذلك لمجالاً للمقال؟ ليس القرآن وحده أهمل تلك الخلافة, ولم يتصد لها, بل السنة كالقرآن أيضاً قد تركتها ولم تتعرض لها .)(3).
(ثم يقول عبد الرازق – أحد أول المتأثرين بالفكر الإستشراقي في صفحة 33 ما يلي). (فكيف وقد قالت الخوارج لا يجب نصب الإمام أصلاً, وكذلك قال الأصم من المعتزلة, وقال غيرهم كما سبقت الإشارة إليه. وحسبنا في هذا المقام نقضا لدعوى الإجماع أن يثبت عندنا خلاف الأصم والخوارج وغيرهم, وإن قال ابن خلدون أنهم شواذ..).
وقد قابلت الدوائر الاستعمارية والمراكز التبشيرية النصرانية كتاب (الشيخ علي عبد الرازق) بالترحيب والتصفيق لأنها في الحقيقة تخدم أهداف الاستعمار وأعداء الإسلام في تشويه الإسلام من جانب وفي السيطرة على الشعوب الإسلامية وإذلالها إلى الأبد.
وقد كشف المؤلف عن اتجاهه المنحرف هذا بنفسه في حديث مع مراسل صحيفة (البورص أجيبشيان) حيث سأله المراسل:
- هل يمكن أن نعتبرك زعيما لمدرسة؟
- قال: لست أعرف ماذا تعني بزعيم مدرسة. فإن كنت تريد بهذا أن لي أنصارا, يسرني أن أصرح لك أن الكثيرين يرون رأيي, لا في مصر وحدها, بل في العالم الإسلامي بأسره. وقد وصلتني رسائل تأييد من جميع أقطار العالم التي نفذ إليها الإسلام)(1)
* وكان من هؤلاء كذلك (منصور فهمي) الذي قال في رسالة الدكتوراه وكان موضوعها (حالة المرأة في التقاليد الإسلامية وتطوراتها) صفحة 15 (محمد يشرع لجميع الناس ويستثني نفسه.. ومع أنه كان المشرع الذي ينبغي أن يخضع لما يدعو إلى تطبيقه على الآخرين, إلا أنه كان له ضعفه واختص نفسه ببعض المزايا..) ويقول في صفحة 16 (وهكذا نجد انه بعد أن ينام نوما عميقاً, يقوم ليؤدي صلواته دون أن يجدد طهوره ووضوءه على حين أن المؤمنين الآخرين, كان عليهم الشروع في وضوء وطهور جديد. ومن أجل أن يبرر الاستثناء الذي عمل لصالحه, اكتفى بأن قال: إن عيني تنام ولا ينام قلبي أبدا...)(2).
* وكان من هؤلاء كذلك (طه حسين) حيث تكلم في كتلبه (في الشعر الجاهلي) كلاما يهز الثقة بالقرآن وبكثير من الشؤون والأصول الإسلامية الأخرى(3).
* وكان من هؤلاء كذلك (أمين الخولي) الذي كان معجبا بطه حسين وبالفكر الاستشراقي عموماً. وقد بقي أمره مستورا سنوات طوالا حيث كان يلقن طلابه أنواع الكفر والضلال إلى أن انكشف عام 1947.(1)
8-الفرق الباطنية:
ومن المكائد التي ألحقت إيذاء مباشراً وعميقاً في بنية العالم الإسلامي خلال القرن الرابع عشر الهجري, اصطناع أعداء الإسلام لكثير من الفرق الباطنية والحركات السرية والطرق الصوفية التي راحت تهدم بالإسلام باسم الإسلام...
ومن أبرز هذه اللحركات التي ظهرت خلال هذا القرن هي القاديانية...
والقاديانية حركة ظهرت في الهند في مطالع القرن التاسع عشر الميلادي على يد رجل اصطنعه الاستعمار البريطاني اسمه (غلام أحمد القادياني) ليضرب به اليقظة الإسلامية الأصيلة التي أخذت بالانتشار في تلك الحقبة من الزمن بعد حركة الإمام (أحمد بن عرفان الشهيد عام 1246هـ) والحركة المهدية في السودان التي اوقدت شعلة الجهاد ضد الإنجليز... ولمزيد من الإطلاع على هذه الحركة ودورها الإجرامي يمكن الإطلاع على المؤلفات التالية:
- المسألة القاديانية – للسيد أبي الأعلى المودودي
- القاديانية ثورة على النبوة المحمدية والإسلام – للندوي
- طائفة القاديانية – لمحمد الخضر حسين
- القادياني والقاديانية – لأبي الحسن الندوي
- الملل والنحل – للشهرستاني
9-حركة التبشير ومكائدها:
ومن الأساليب الماكرة التي اعتمدها الغرب الصليبي للكيد من الإسلام والدس عليه, واجتذاب المسلمين إليه, تنظيم حركة التبشير في أقطار العالم الإسلامي ومدها بما تحتاجه من قدرات بشرية ومالية وتقنية...
ويهدف التبشير الى فرض السيطرة على العالم الإسلامي عن طريق التغيير التعليمي والإعلامي والاجتماعي بإحداث المؤسسات وتقديم الخدمات المختلفة تحت ستار (الصفة الإنسانية) فضلا عن طريق المشروعات الاقتصادية والعمرانية التي ظاهرها الرحمة وباطنها فيه العذاب الشديد؟
إن من الوسائل التي اعتمدها التبشير في العالم الإسلامي إنشاء المستوصفات والمستشفيات وتقديم الخدمات الطبية.. ومن الوسائل التبشيرية إنشاء المدارس والمعاهد الفنية والتقنية والجامعات والمكتبات وإصدار الكتب والنشرات وما إلى ذلك.. ومن الوسائل كذلك إنشاء المشروعات التعاونية والاقتصادية والأندية الرياضية ومؤسسات الرعاية الإجتماعية وما شاكل ذلك..
إن هذه الأجهزة والحركات التبشيرية تعمل في بلاد المسلمين منذ قرن من الزمن دون أن تجرؤ الحكومات والأنظمة المختلفة على وقفها أو الحد من نشاطها أو رصدها ومراقبتها, فهي أشبه بالمؤسسات الديبلوماسية ذات الحصانة...
10-دور الفاتيكان:
وبموجب اتفاق (لتران عام 1349هـ 1929م) واضطلاع الفاتيكان بدور رعائي دستوري منظم للحركات النصرانية في الغرب غدا العمل التبشيري والاستشراقي أكثر تنظيماً وفاعلية... وعلى مر الزمن تطورت أساليب التبشير لتصبح في نفس المستوى فاعلية وتأثيراً مع التطور الذي طرأ على مختلف جوانب الحياة.
فقد قرر مجلس الكنائس العالمي والفاتيكان وهيئات التبشير الأخرى الإسهام في أعمال التنمية ومشاريعها في الأقطار النامية تحت شعار (من الكنيسة إلى المجتمعات) فتأسست هيئة مجلس الكنائس للإسهام في أعمال التنمية المختلفة كإنشاء القرى الزراعية, وعقد الدورات التدريبية لمختلف التخصصات التقنية والفنية, وتقديم القروض المناشرة للفلاحين.
كما قرر (مجلس الكنائس العالمي) في مؤتمره عام 1969 بالسويد توظيف أموال صندوق الكنائس في مشروعات الدول النامية(1).
11- الدور الأميركي في مكائد الصليبية:
أما الولايات المتحدة الأميركية فقد كان لها دور خاص وماكر ومستمر في مسلسل التآمر الصليبي على العالم الإسلامي..
ويكشف (أيوجين روستو) رئيس قسم التخطيط في وزارة الخارجية الأميركية ومساعد وزير الخارجية الأميركية, ومستشار جونسون لشؤون الشرق الأوسط حتى عام 1967م عن الخلفية الحقيقية للجرائم الأميركية في دول العالم الإسلامي فيقول (يجب أن ندرك أن الخلافات القائمة بيننا وبين الشعوب العربية ليست خلافات بين دول أو شعوب, بل هي خلافات بين الحضارة الإسلامية والحضارة المسيحية لقد كان الصراخ محتمداً ما بين المسيحية والإسلام منذ القرون الوسطى وهو مستمر حتى هذه اللحظة بصور مختلفة. ومنذ قرن ونصف خضع الإسلام لسيطرة الغرب وخضع التراث الإسلامي للتراث المسيحي).
ولقد أدى سقوط عرش الشاه في إيران إلى إلقاء مزيد من الأضواء على سياسة التدخل الأميركي في مصائر الشعوب, وعلى كشف حجم الجرائم التي ارتكبتها وترتكبها الإدارة الأميركية وأجهزتها المختلفة في أقطار العالم الإسلامية وتجاه قضاياه المختلفة(1).
ونختم كلامنا عن التبشير ومكائد الصليبية بنقل نص للقسيس (لبسيوس) أحد كبار مؤسسي الإرساليات التبشيرية جاء فيه (إن نار الكفاح بين الصليب والهلال لا تتأجج في البلاد النائية, ولا في مستعمراتنا, بل ستكون في المراكز التي يستمد الإسلام منها قوته)(2).
رابط الكتاب