إن المعركة الدائرة رحاها اليوم بين الإسلام وبين (الجاهلية) لم تعد في مستوى البحث العلمي المجرد أو في حدود المناقشة الفكرية الهادفة... بل أضحى هذا الصراع دمويًّا ضارياً بكل ما في هاتين الكلمتين من معنى. إن الجاهلية اليوم تستخدم في حربها للإسلام ودعاته كل الأسلحة الفتاكة، الأسلحة المبيدة، الأسلحة الخبيثة... إن القتل والسحل والسجن والتعذيب والتشريد، وإن حملات الإرجاف والتشكيك والتخوين والاتِّهام كل هذه وغيرها من الوسائل المعتمدة لدى (الجاهلية الحديثة) لضرب الإسلام وتصفية العاملين له في كل مكان... ثم إن العالم بات يعيش حالة ضياع... وأصبح يئن تحت وطأة الانحراف والشذوذ والفراغ... العالم الذي أعمته مظاهر المدنية الحديثة، وأحرقته نار الثورة الجنسية، وهدَّتْه الصراعات البوهيمية (الهيبية والوجودية...الخ) مما يتهدد الوجود الإنساني والأخلاق الإنسانية والأفكار الإنسانية ـ حتى المجردة منها ـ بالفناء الكامل.
من كتاب مشكلات الدعوة والداعية سنة 1967...
|