فإذا كان الناس قد تعاملوا مع حادث الكسوف هذا –وهو الحادث الكوني المحدود (زماناً وأثراً وخطراً)– على هذا النحو من الاهتمام والحيطة والحذر، فكيف بالتعامل مع الأحداث الكونية الهائلة التي حفل بها كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من عزيز حميد؟! -لماذا خوف الإنسان من حادث كوني عابر، وعدم اكتراثه بأحداث عظام تُصيب بالخلل النظام الكوني كلَّه؟ وهي واقعة دون أدنى شك: [إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ][وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ] {الذاريات:5:6}. -لماذا عدم الخوف من مثل قوله تعالى: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ][يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ] {الحج:2:1}. -ولماذا عدم الإعتبار بمثل قوله تعالى: [إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ][وَإِذَا البِحَارُ فُجِّرَتْ][وَإِذَا القُبُورُ بُعْثِرَتْ][عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ] {الانفطار:5:1}. -ولماذا عدم الوجل من مثل قوله تعالى: [يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالمُهْلِ][وَتَكُونُ الجِبَالُ كَالعِهْنِ][وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا] {المعارج:10:8}. -ولماذا عدم التفكّر في قوله تعالى: [سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ] {فصِّلت:53}. -لماذا عدم الاكتراث بعشرات الأحداث الكونية التي تقشعر من هولها الأبدان والتي حفل بها القرآن الكريم؟؟
إنها الغفلة: إنها الغفلة عن أمر الله، والبعد عن كتابه، والإعراض عن ذكره، والانشغال بالذي هو أدنى عن الذي هو خير. -ألا صدق الله تعالى حيث يقول: [اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ] {الأنبياء:1}. -وصدق جلّ وعلا حيث يقول: [لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ اليَوْمَ حَدِيدٌ] {ق:22}. -وصدق تبارك وتعالى حيث يقول: [وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ] {مريم:39}. -وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول: ((الناس في غفلة إذا ماتوا انتبهوا)). أفيقوا قبل فوات الأوان: فما أحوج الإنسان إلى أن يعتبر بما يجري حوله، ويوقن بأن هذه الدنيا إلى زوال، وبأن يوم القيامة آت لا ريب فيه، وأن الله يبعث من في القبور. إن على الإنسان أن يؤمن بأنه على موعد مع انشقاق السماء، انفجار البحار، وانتثار النجوم، وتفتت الجبال، وتصفية الحساب: [إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآَتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ] {الأنعام:134}. على الإنسان أن يدرك أن الله حق وأن يؤديه حقّه، وأن الموت حق وأن يستعد له، وأن الساعة حق وأن يعمل لها، وأن الجنة حق وأن يتزود لها، وأن النار حق وأن يهرب منها، وأن الدنيا دار ممر فلا ينشغل بها عن دار المستقر: [فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الغَرُورُ ] {لقمان:33}.
|