مذكرات رائعة… لصاروخ رائع ” فجر-5 ” … سلمت يد صممتك… وصنعتك … وإلى غزة نقلت … وإلى تل أبيب وجهتك… اسمحوا لي أن اقدم لكم نفسي لأنني صرت هذه الأيام مالئ الدنيا وشاغل الناس .. وبالرغم من أن الأضواء تحرجني الا أن الفضول الذي أحاط بي يدفعني لأن أقدم لكم نفسي وأن أزيل بعض التراب الذي غطاني وأنا في المخازن وتحت الأرض .. اسمي “فجر” .. واسم أمي ثورة واسم أبي رضوان .. ومكان ولادتي إيران .. لكني نشأت وترعرعت في سورية حيث تلقيت علومي ونلت شهاداتي ونجحت في كل امتحاناتي .. وعشت شبابي وأجمل أيام عمري في جنوب لبنان حيث عشت كالأمير في “الكلية الحربية للصواريخ” لأتعلم فنون الطيران لمسافات بعيدة قبل الانقضاض .. وقد تخرجت منها بمرتبة الشرف .. وحصلت على عملي في غزة التي انتقلت للعيش فيها منذ سنوات قليلة ..
ومكان اقامتي هو منجم من مناجم غزة السرية .. ولي فيها أصدقاء كثر ..صديقي قسام وصديقي غراد وصديقي م75 وصديقي كاتيوشا وصديقي كورنيت وآخرون… كانت رحلتي الى غزة طويلة ووصلت بي الى أعالي النيل .. وكنت أسافر ليلا وأتجنب ضوء النهار وفضول الفضوليين .. ولم أدخل غزة من بواباتها المصرية المقفلة بل من الأنفاق المظلمة حيث حملني على كتفه رجل من جنوب لبنان .. حملني وكان يلهث لكنه لم يتركني حتى وصلت مسكني الجديد في أحد المناجم الغزاوية .. وقد نمت من شدة الارهاق وطول الرحلة فلما كان الصباح لم اجد ذلك الصديق الذي تحمل مشقة السفر معي فقد غادر عائدا الى حيث الكلية الحربية للصواريخ ليحمل بعضا من رفاقي الى غزة .. وكم حز في نفسي أن يعود دون أن اعانقه وأن اقبل جبينه وأن اقول له بأنني أحبه ولا أنسى فضله .. فأمثالي لا تنكر الصداقة والخبز والملح وشقاء الأسفار مع الأخيار ..كما يفعل البعض هذه الأيام..
بقيت في غزة ردحا من الزمن وكنت أرى بأم عيني مخلوقات تطير في السماء تلقي بالقنابل على الناس .. أشكالها مقيتة ويبدو عليها الصلف والغرور وقسوة القلب .. شاهقة عالية لا تُنال .. ندمت مرارا أنني لم ألتحق بالكلية الجوية لأصبح صاروخا شبيها بصواريخ “سام” كي أثب اليها وأنزلها من تلك الابراج العالية .. وكم تمنيت أن يسمح لي بمغادرة موقعي لتنفيذ مهمة ثأرية لكن لم يكن الوقت قد حان ..
واليوم جاءت تلك الطائرات البغيضة الشرسة التي تلقي على الناس النار بجنون .. واذ بأمر عمليات يصدر بتكليفي بمهمة عاجلة ..
أخيرا ومن بعد الصبر سأخرج وأنفذ مهمة .. أخيرا سأثبت لأمي وأبي واساتذتي في الكلية الحربية أنني رجل وأنني “فجر” ابن الثورة والرضوان ..
ارتديت الزي الرسمي المبرقع .. ووقفت باستعداد أنظر الى السماء ..وقلبي يغلي ودقات قلبي لم تتسارع كما تسارعت اليوم ووجهي لم يحمر كما اليوم .. لم أمر بهذه اللحظات والانفعال الا عندما نجحت في امتحاني النهائي في سورية ..ففي الامتحان يكرم المرء أو يهان ..
انتظرت أوامر الانطلاق في مهمة كوماندوس وأنا على أحر من الجمر.. والمهمة هي أن أصفع وجه فاجرة اسمها “تل أبيب” وأدمي أنفها وأذلها .. وان أركل مستوطنات بعينها في بطنها وخصرها ..
طال الشوق للسماء .. من السماء سأرى ما لا يرى .. ومن السماء وفي الأعالي سأرى بيتي ومدرستي الابتدائية في دمشق .. وسأرى بيت الشباب في جنوب لبنان ..أطلقوني ..أطلقوني ..ان توقي للسماء لا حدود له.
وأخيرا .. جاءت ساعة الصفر .. ومددت أجنحتي .. ووثبت الى السماء وصوتي يهز غزة وأنا أغني أغاني المحاربين في الحرب ولحن (خلي السلاح صاحي ..صاحي ..صاحي) ….كنت كالجواد والبراق الذي يدق بحوافره وسنابكه دروب السماء ..فأثير الغبار خلفي بسرعة .. وأرسم خطا من الغبار والنار..هو الخط بين السياسة والخيانة ..
في السماء سمعت أصوات يحيى عياش وعبد العزيز الرنتيسي وهادي نصر الله وعماد مغنية وأحمد ياسين وفتحي الشقاقي وسعيد شعبان وفتحي يكن وعباس الموسوي ومحرم العارفي ومالك وهبة وكثيرين .. وسمعت صوت جول جمّال وعز الدين القسام .. هذه الأصوات التي كانت تهلل لي وتحييني وتلوح لي من السماء ..جعلتني أسرع في تحليقي ..
حذرتني الأصوات من قبة حديدية قد اصطدم بها .. لكن اجتاحني شعور غامر بالنشوة وأنا أسمع على الأرض صوت عويل تل أبيب وصراخها وصفارات الانذار .. ورأيت وجهها الأصفر وعيونها المذهولة كعيون الثعابين من رؤيتي عابسا من السماء .. فقررت في لحظة أن أتحول الى كاميكاز.. مثل الاستشهاديين الذين سبقوني الى السماء .. لم يعد يرضيني أن أصفع وجه تل أبيب تلك الغانية الفاجرة .. بل سأنفجر في وجهها وأنسفه ..وأدميه وأحرق شعرها الأسود .. ولسانها المشقوق وأكسر رأسها .. وأستشهد ..
وفي آخر ثلاث ثوان في حياتي وهي المسافة بيني وبين الأرض .. كتبت وصيتي لأمي وأبي ولغزة وقلت فيها: انني لن أعود .. لكن قلبي الآن منغرز في فلسطين كبيوت أهل القدس .. فلا تصالحوا .. لا تصالحوا .. لا تصالحوا .. وإن همس لكم الشيطان فاقطعوا آذانكم .. وان همس لكم عيال الشيطان ولصوص الصواريخ وتجارها (؟) فاقطعوا ألسنتهم ..وان أراد العرب بيع جسدي وأجنحتي وقلبي ونيراني وصوتي فلا تبيعوني ..فان مات قلبي ماتت غزة ومات الشرق .. وآخر وصيتي لكم هي:
خلي السلاح صاحي ..صاحي ..صاحي…. خلي الفجر صاحي ..صاحي ..صاحي.. خلي الضمير صاحي ..صاحي …صاحي..
متفرقات
تابوت بسماعات وشاشات عرض للاستمتاع بالموت كشفت إحدى الشركات السويدية عن تصميمها الجديد لتابوت عصري يتماشى مع الثورة التكنولوجية التي يشهدها العالم، حيث تم تزويده بأدوات ترفيهية من شأن المتوفى الاستمتاع بها أثناء موته.
وجاء في تقرير نشرته مجلة تايم الأمريكية أن التابوت الجديد تم تزويده بنظام سماعات صوتية بالإضافة إلى حافظة للأغاني بسعة تخزينية عالية تكفي لحفظ آلاف الأغاني التي يفضلها المتوفى والتي يمكنه اختيارها وإعدادها بنمط وترتيب معين ليتم تشغيلها بعد الوفاة.
وبين التقرير أن الشركة السويدية المصنعة للتابوت والتي تدعى “باوس،” قامت بتزويد التابوت أيضا بشاشة عرض قطرها سبعة إنشات ذات جودة عالية ودقة كبيرة تعمل بنظام “أل سي دي” لتقوم بأداء وعرض الأغاني أمام المتوفى.
الجدير بالذكر أن الشركة أيضا زودت هذا التابوت بنظام الاتصال اللاسلكي، والذي يمكن من خلاله وصل حافظة الأغاني الموجودة في التابوت بسماعة وشاشة خارجية يمكن وضعها على حجر التعريف بالمتوفى أو ما يعرف بـ “شاهد القبر،” حتى تتسنى الفرصة لزواره بسماع الأغاني التي يقوم بسماعها هو حاليا، بالإضافة إلى إمكانية تحميل أغان جديدة لتعرض عليه.
ونوه التقرير إلى أن هذا التابوت العصري الذي وصفته الشركة بالتحفة التكنولوجية يبلغ ثمنه 23 ألف يورو (نحو 31 ألف دولار).
|