وحدة العالم وجمال الحقائق الفن تفكير في صور(بلنسكي),والرياضة فكر في صيغ,كما الفنون بشموليتها فسحة نفس وبسط صدور,فإن الرياضيات برصانتها متعة فكر ونسغ عقول؛أكدت استحقاق مرجعيتها لسائر العلوم!يقول الفيلسوف في المنهج البنياني"لوي آلتوسر":(لا ينتظر اي عالم رياضيات في العالم أن تقوم الفيزياء,حتى تطبق اقسام بكاملها من الرياضيات).تحول النظريات الى حقائق يتم بنسبة(100%)بمعايير من داخل البرهنة الرياضية...كذلك الشيئ ذاته لسائر العلوم.مما يعني أن الخوض العلمي في اية بيئة لا يجعل منها شخصية اعتبارية الا اذا افضت الى صيغ من القوانين الرياضية.وللمزيد من التكتيكات الأستيضاحية في سبيل سبر اغوار حقيقة علمية نيمم نحو اكتشاف فلكي في القرن (التاسع) يبرز جمالية الأنجاز الرياضي لقانون (نيوتن)في التثاقل"الجاذبية" لاحظ الفلكيون أضطراب هذا القانون في تفسيره للسلوك الشاذ الذي ابداه(هكذا كان يبدو) كوكب"أورانوس"عندما كان اعتقاده وقتئذ "الكوكب الأخير" في نظامنا الشمسي!لم يكن امام العالمين الأنكليزي (جون أدامس والفرنسي أربان لوفيريه)منفردين والمعاصرين لنفس الحقبة؛الا التصدي للمعضلة بأقتراح فكرة وجود كوكب مجهول يؤثر في حركة"أورانوس"فكتب كل منهما لمرصده"صوبوا مناظيركم الفلكية في هذا التجاه وستجدون هناك كوكباً"! فكان(كوكب نبتون)!! الغرابة والدهشة من رجال بمختبراتهم خلف قصاصات اوراق يديرون سائر العملية الأستكشافية للحقائق!!!أنها الصيغ الرياضية التي تختذن بداخلها كماً هائلاً من الحقائق والأفاعيل,وما ازاحة التراب والركام عن الكنوز والحقائق الأثرية سوى العملية التنفيزية الأسهل لمجمل مسار البحث خلف المناهج العلمية والتطبيقية,السوآل الداهم هل يفضي ربيع العرب الى وقت وقدرات أمام الطاقات للبحث المحلي العلمي وما النسبة المحتملة أذا ما أخضعت الظاهرة اياها لمنهاج البحث والأثبات المذكور؟ هذا هو الفيلسوف(برتراند رسل)يقول:فيثاغورث(لا أعرف أنساناً كان له هذا القدر من التأثير في عالم الفكر).تفرد الفيثاغوريون باكتشاف قدرة الصيغ الرياضية وأدخلوها في دياناتهم لفهم الظواهر الطبيعية والأشكالات الكونية فأثبتوا "ان الوترين الصوتيين يهتزان بأنسجام تام إذا كانت نسبة طوليهما عدداً بسيطاً"عموماً زخرت الفلسفة الأغريقية القديمة بأفكار عن ماهية المادة والهيولي الأولى واللبنات المادية التي لا تنقسم والتي تدعى"الجسيمات الأولية"تميزت القوانين الرياضية بوهج الألق المتناغم مع ايقاع الكون السرمدي لأثبات وحدة العالم وجمال الحقائق, بهدف الأنتهاء الى منظومة علمية شاملة تفك اغلال التبعية للزمان والمكان.بما يؤكد وحدة العالم و"اصل العضوية"ل(هيغل)برفض التجزئة وانعدام الجزء يساوي أنعدام الكل,تلك هي القواعد الأساسية لوحدة الأديان في النظرة الشمولية الكلية الموحدة للألوهية والكون والحياة والأنسان,ونقطة التقاطع في مشهدية(عطيل)"الألوهية والربوبية" بين الدين والفلسفة والسوآل المقدر حول الحقيقتين النسبية والمطلقة كحاجة وضرورة,وجه الأرتباط أن العالم انسان كبير, هل يفضي التنقيب يوماً في أحفوريات النظريات الفيزيائية الى قانون نهائي شامل يكون معادلة موجية كمومية لا خطية تتحكم بحقل مؤثرات موجي لا يمثل لا المادة دون اي نوع من الأمواج أو الجسيمات؟تكون فيه المعادلة الموجية مكافئة لمجموعة معادلات تكاملية معقدة بقيم خاصة وحلول فريدة تمثل نهاية المطاف الجسيمات الأولية فتنوب الأشكال الرياضية عن المجسمات الفيثاغورية!؟وللتدبر بروائع الحسبان في ميدان ما سلف ذكره:ورد ذكر البحر في القرآن الكريم(32)مرة والبر(13)مرة بمجموع(45)مرة!؟حسابياً نسبة ذكر البحر تساوي(71,111)%,والبر تساوي(28,889)%,تلك هي بالضبط النسب العلمية المؤكدة الآن لكل من البحر واليابسة على الأرض!؟. العالم البديل ما بعد الحداثة عالمي الواقع والأفتراض نحو حقيقة سينوغرافية,الثاني عالم بديل عن الأول من صنع التقنية الرقمية,يتشكلاً في ذاكرة الحواسيب الألكترونية!؟كواقع فوق الواقع!! مجسداً "نهاية الفيزياء"عندما ابتكر الفكر لذاته واقعاً فائق الجودة يتحكم بكلياته وجزئياته,وفق اغراضه واهدافه تلبية لرغبته الأنسانية الجامحة في التمييز والسيطرة بالمخيال الميديائي القائم على التشكيلات الرقمية والتراكيب العددية اللا متناهية لأضفاء البعد الأفتراضي على الواقع الفعلي عن طريق لعبة الرقمنة المسؤولة عن خلق نماذج مقولبة تعبر عن واقع بمزيد من التضليل!؟بنماذج طوباوية استرقتها العدسة واقتطعتها جزئياً,اللغة الرقمية نظام علامات يتم تدوينها في آلات زكية بواسطة النظام الثنائي الرقمي بقيمة(1-0)موزعة على ثماني خانات نتاج اسلوب تكويد وتشفير يعطي لكل حرف من"الألفباء"كوداً رقمياً!بديل ابجدية رقمية سيالة محل الحروفية الثابتة..والعوالم الأفتراضية التي يمكن تركيبها بواسطة الأعداد بدل العوالم المجازية والدلالية التي يمكن استيلادها بواسطة الحروف,منذ اثبات "ميشال فوكو"تمزق العلاقة بين الكلمات والأشياء بحلول الحداثة خرجت اللغة من وسط الكائنات ودخلت عصر الحياد الذاتي وتخلت عن الدور التمثيلي للواقع الفعلي؟لتكون بيت القصيد بقوانينها الداخلية المتفردة,بل ان الأشياء لتخرج منها كأنها ولدت للتو!اضحت اللغة الرقمية حسب "هيدغر"مسكن الوجود!منها يولد الأنسان العددي والأشياء من جديد,مع الواقع الأفتراضي تجاوزنا الحداثة لما بعدها بأتجاهاتها المتعددة,وصف البديل بالوهم على مستوى بعض الأعمال الفكرية له اواصر بتقويض "نيتشه" للحقيقة المطلقة,سلطة العلامات مع ميشال فوكو؛فجرت مفهوم التمثل المعرفي ليس تصوراً للواقع بل صناعة له!؟بتغيير الشيئ المراد معرفته واصطناع للواقع وليس تصنيعاً له,في المشادات المعاصرة خاصة في الحروب تجلت الثورة الأعلامية المرسلة دون التلقي وليس فيما يعرف بأستجابة الجمهور مما يرقى الى ان يكون طرفاً ثانياً لوسائل الأعلام بأعطائها سلطة لتقنية المعلومات تتجاوز تقنية المماثلة على النحو الذي يجعل المعرفة ليس فقط عبارة عن تصنيع للواقع بل اصطناع واقع جديد عبر عمليات الرقمنة!؟انها الحقيقة المنظورية صناعة ارادة القوة لمن يمتلك الوسائط والصور والأرقام ليصبح الوهم هو الحقيقة في فضاء الواقع الفائق!؟حيث لا مرجعيات في هذا الفضاء ولا واقع ولا مثال انما نماذج وتصنعات وحقائق منمنمة يتم التعبير عنها في "هوليود"بالمصفوفة,منذ افلاطون حتى هيغل كانت معرفة الحقيقة التطابق مع ما هو واقع وعالم الكليات من المثل المجردة والأفكار المطلقة هو العالم المقياس الحاكم على العالم الحقيقي والناظم له الآن الحقيقة ليست تجريبية بتطابق الفكر مع الواقع ولا مثالية عقلية يتطابق مع ذاته الحاكم والناظم عالم الأشباح الضوئية من المنتجات الألكترونية الغير ملموسة,وذلك ان الحقيقة ليست ما نعرفه بل ما نختلقه من وقائع يخيل الينا انها تسعى!والعالم الوهمي الذي يدار به الواقع الآن شديد الهشاشة واشد واقعية من الواقع بقدر ما بات يتحكم به وينوب عنه بحيث لم تعد الأشباه ظلال الحقيقة بل ما نصنع به الحقائق,بصورة وشروط لم تعهدها البشرية,ومع كل وهم يتغير المرجع بتغير التركيب,الأقليم من هنا وصاعداً "لن يسبق الخريطة الشرق اوسطية الجديدة"انما هي التي تسبقه وتغمره وتخفيه لتبرز حقيقتها كواقع مجتث من اصوله ومبتور عن لا واقعيته(إن)الخريطة هي حقيقة الحقائق دون مرجع واقعي يربط بين ما هو مشار اليه ومحرر في المكان والزمان وصورته المصغرة وحقيقته المختذلة في الخريطة.في معرض السيمولوجيا على المستوى الفردي والجماعي نكيف احوالنا طواعية مع ال(pose) الجديد ونجعل من ذاتنا موضوعاً ومشهداً قبل أن تلتقط لنا الصورة"صور عن صور لصور عن صور ..الى ما لا نهاية,نحن في عالم صنمية الصورة علاقة البشر بالسلع طغت على علاقتهم بذاتهم وببعضهم البعض وتحول الأنسان نفسه الى سلعة خاضعة لنسق التبادل السلعي بل ان صنمية الصورة طغت على صنمية السلع! الثورة الرابعة والساعة الخامسة والعشرون تحت عنوان(الساعة الخامسة والعشرين)حذر الكاتب والأديب الروماني"كونستانتان جيورجيو"صاحب نوبل للآداب العام 1948م من تداعيات التفوق العددي للآلات بالنسبة الى البشر التي يستخدمونها,وتنبأ بعصر يصبحون فيه مجرد عبيد لبروليتاريا الآلات.وعلى لسان(كروغا) مصلح أجتماع روايته:لقد أشرف العالم على دخول ساعته الخامسة والعشرين؛وهي التي لن تشرق الشمس من بعدها ابداً؛والتي لن يحل بعدها يوم جديد؛إنها الساعة التي سيتحول فيها البشر الى اقلية بروليتارية؛عديمة القدرة على التفكير لا وظيفة لها غير إدارة جحافل الآلات وصيانتها وتنظيفها,تسخر فيه الأحاسيس البشرية بمزيد من عناصر الأنحراف الفكري والأخلاقي,يتهم الناس بالتخلف والسذاجة لمجرد رفضهم العبودية للآلات,يذهب المتنبئين بمستقبل ثورة المعلومات والآلات الذكية:أن عصر انشغال الخبراء في اعمال فكرهم لأبتكار الآلات الزكية مهدد بجحافل آلية أكثر قدرة على انجاز المهام الأنتاجية,ثورة يقودها الألكترون.مضت بضع سنوات على آخر حديث بيننا انا وصديق البروفسور"عبد الرحمن علوش"الأكاديمي المرموق في اساسيات التصنيع الفرنسي,عن الثورة التكنولوجية الرابعة بعد ثورات الكتابة وآلات الطباعة والكمبيوتر الشخصي,بتناقضها السريع بالطول الزمني للدورات الأبتكارية, والتقاطع بين المستقبل والواقع في عالم تكنولوجيا المعلومات,والأيام القادمة الحبلى بالأبتكارات والأختراعات,كان ذلك قبل قرار الأمانة العامة للدفاع الوطني بفرنسا بحظر استخدام(بلاك بيري)في قصر الأليزيه ومكاتب رئاسة مجلس الوزراء بعد تمكن الأستخبارات الفرنسية بداية العام 2007 من التعرف على أوجه خطر جهاز(بلاك بيري)بوزنه 150غراماً عندما يبحر بصفحات الويب ويرسل ويستقبل البريد الألكترونيأ أيضاً كموبايل فائق الزكاء وكوسيلة لنسخ أخبار المؤسسات والشركات وأسرارها وارسالها من قبل متواطئين تمر عبر خوادم إلكترونية(سيرفرز)تشرف عليها امريكا وبريطانيا.كانت الأرقام والخطوط البيانية الصادرة عن مراكز متابعة استخدام الأنترنت تصيب المتابع بالغثيان مع ازدياد الصفحات المضافة للشبكة العالمية حتى بلغ التدفق المعرفي اليومي يساوي مجموع ما يطبع في العالم بعام.بالتوازي شقت الثورة الرقمية طريقها بتحويل نمط العمل التقليدي الى مجرد رمز لطريقة الحياة السالفة,حررت العمل من الموقع والمكان.عندما جمع الموبايل وظائف الكمبيوتر الشخصي والهاتف والتلفاز وأحتوى انظمة الملاحة والتوجيه وتطبيقات ووظائف لا متناهية.تسارع إقاع التطور مع بناء (غوغل)برنامجها التطبيقي(سوفت وير)قلبت موازين القوى في اسواق الأنترنت"أندرويد"مبني على اساس(لاينوكس)الخاص بالأجهزة اليدوية بخصائص قابلية تطوير لا حدود لها:فتح الملفات؛تشغيل نظام(gps)عبر الأقمار الأصطناعية؛الأفادة من بروتوكول تناقل الرسائل الصوتية عبر الأنترنت.اليوم يتم التراسل الفوري في القطاعات المختلفة بمزيج الصوت والصورة والنص المكتوب عن طريق الموبايل والكمبيوتر في عالم افتراضي مفتوح على كل الأحتمالات,تاسيس(غوغل)مفعم بالأثارة,لطرائق أبتداع الحلول الرقمية لمشكلات العمل ميداناً لتحقيق الطموحات.ملايين المتصفحين اليوميين بكل لغات العالم,مليارات البحوث والصور والبيانات إنه(محرك البحث الذي يعرف كل شيء عن أي شيء)من اختراع (سيرجي براين و لاري بيغ).تحت عنوان(قصة غوغل)كتب الأميريكي"دافيد فايس"الى ان محرك البحث(غوغل)بقوة تأثيره في زمن العولمة يشبه اختراع المطبعة في القرن السادس عشر وأبتكارها العام 1456م على يد الألماني"جوتنبرغ"يؤكد(فايس)أن المتصفحين للأنترنت يعتبرون(غوغل)امتداداً طبيعياً لأدمغتهم ويستغربون كيف كانت الحياة قبل(غوغل).يقول عميد جامعة ستانفورد وكبير علماء الكمبيوتر فيها(جون هينيسي):"شركة غوغل الأولى عالمياً بتأليف كل من"السوفت وير والهاردوير واستخدامهما"مع نوكيا يمكن صنع موبايل من مواد عالية المرونة كالمطاط الطبيعي قابل للطي وأعادة التشكل.تبعاً لمبدأ النسبية طالما هناك رابحون فهناك خاسرون ايضاً!؟هناك من تنبا بعصر أنتهاء الحريات الشخصية بسبب سرعة تطور كاميرات الفيديو وحلفائها,زيادة الأمكانات؛تصغير الأحجام لحدود التخفي عن الأعين المجردة؛عندما تخترق أصغر الأمكنة وأخصها من الزوايا المختلفة,اضافة الى تقنيات التنصت على المواد والمعلومات,مع باقة"موبيلات متعددة الوظائف وأجهزة(إم بي3-آي بود-آي فون-اللاب توب)وبالعودة لتفاصيل مقالتنا السابقة تحت عنوان (العالم البديل:ما بعد الحداثة)نستكمل مشهدية زمن السينوغرافيا وسيلان الحروف وتهتك المعاني والكلمات,وصولاً لبلوغ اجيال من الموبايلات المدعمة يتكنولوجيا التمييز البصري(visual recognition)المتصلة بقاعدة بيانات زكية يمكن لها التعرف على الشخصية الأعتبارية الأنشائية الموجهة عليها الكاميرا عندما تعمد بطريقة آلية لأستحضار بطاقتها التعريفية من قاعدة البيانات وكتابتها على الصورة بالشكل المناسب في المكان المناسب.ينطبق ذلك على الأفراد والأشخاص عندما تكون صورهم وبياناتهم الشخصية قد أدخلت مسبقاً الى قاعدة البيانات إياها.الثورة الرابعة تعيش صيفها الهندي ولما كان كل ما كان ثورة اصبح قديماً هل يحيلها التاريخ قبل ان تبلغ ساعتها الخامسة والعشرين؟. زياد علوش(اعلامي وكاتب)
|