louis vuitton
ugg online
التعريف بالمؤسسة
نشاط سالم يكن
بيانات ومواقف
الإخوان المسلمون
الحركات الإسلامية
الجماعة الإسلامية
فقهيات معاصرة
مراصد الموقع
أبواب دعوية
إستشارات دعوية
حوارات ومحاضرات
بأقلام الدعاة
مواقع صديقة
ملفات خاصة
اتصل بنا


العولمة

العولمة ومستقبل العالم الإسلامي

تعريف العولمة:

هناك تعريفات كثيرة، لا أريد أن أتناولها جميعاً، وإنما أريد أن أتناول العولمة من الجانب الذي يهمنا، على اعتبار أننا دعاة وأئمة وخطباء.

العولمة هي حالة تطبيع عالمي، ثقافياً، واجتماعياً، واقتصادياً، وسياسياً، وأمنياً، وعسكرياً.

والتطبيع يتردد على الأسماع كثيراً، حيث يطرق أسماعنا أن العدو الصهيوني يريد أن يُطبّع المنطقة. عنده مشروع تطبيع.. فالتطبيع هي سياسة الاختراق للآخر، وعندما نخترق من قبل الآخر فمعنى هذا أننا بدأنا نتطّبع بمشروع الآخر.

           والعولمة تعني تحقيق عالمية الأمر، ولو قسراً ومن غير تدرج، إنها تعني اقتحام المجتمعات والشعوب والدول اقتحاماً قسرياً، وبدون سابق تحضير أو استئذان فهي نوع من الهيمنة...

           ومن الذي يهيمن على الآخر؟ إنه الذي يمتلك القدرات والتقنيات العالمية: وسائل الاتصال – وسائل الإعلام – مراكز المعلومات – الانترنت – الفضائيات – الأسلحة الحسية والمعنوية... وأما الضعيف فإنه لا يستطيع أن يهيمن على العالم.

           والعولمة - على الصعيد الاقتصادي - تعني رسملة العالم في ظل هيمنة النظام الدولي الآحادي الكاملة على العالم، وبخاصة الأفراد – الأفكار – المعلومات – النقود – المؤسسات – السلوك -  الخدمات  - المنتجات.

           والعولمة من وجهة نظر أخرى حركة لا يمكن لأحد أن يعزل نفسه خارجها، أو أن ينأى عن تأثيراتها.

           فهي اقتصادياً، رساميل تتحرك دون قيد أو شرط .

           وهي بشرياً، أشخاص يملكون سلطة عابرة لكل الحدود.

           ففي الثاني والعشرين من أبريل 1997م نشرت شركة ميريل لينش الاستشارية والمالية (جيميني) دراسة توضح أن ثروة أغنى أفراد العالم ـ حوالي ستة ملايين إنسان ـ ارتفعت إلى 16 تريليون دولاراً عام 1996م وتوشك أن تصل إلى 24 تريليون دولاراً مع نهاية هذا القرن، وهذا المبلغ يعادل مجموع دخل 2.3 مليار إنسان ( الأفقر في العالم ) مضروباً في ثلاث مرات.

           وفى تقرير للأمم المتحدة ذكر أن 358 مليارديراً من كبار الأثرياء في العالم يحصلون على ربح صافٍ قدره 760 مليار دولاراً سنوياً، أي ما يعادل دخل 45% من سكان العالم، أي أن 20 % من كبار أغنياء العالم يقتسمون فيما بينهم 80% من الإنتاج العالمي.

           والعولمة مصطلح ظاهره الرحمة وباطنه فيه العذاب الشديد.

           إنها أشبه بالمصطلحات الأخرى المثيلة: العصرنة، العقلنة، الأمركة، الفرنسة،  الصهينة... وصولاً إلى الشيطنة...

           ومشكلتنا أننا مجتمعات استهلاكية، مشرعة الأبواب أمام كل المستوردات وإن كانت سمّاً زعافاً!!

           وهذا يعني انتقال الآخر إلينا وليس انتقالنا إلى الآخر...

           يعني تأثرنا بالآخر وليس تأثيرنا في الآخر.

           يعني عالمية ما عندهم وليس ما عندنا!!

           إنه أشبه بالاجتياح ...اجتياح الكبير للصغير، والقوي للضعيف، والغني للفقير... اجتياح مشاريع الآخرين لحضارتنا وثقافتنا ،وتراثنا.. إنها استرقاق كلي ولكن تحت غطاء عصري مزيف، وشعار براق مكذوب!

           إنها السقوط في الأفخاخ المنصوبة ، وبالتالي ضياع الهوية والشخصية.

           وينبغي هنا أن نفرّق بين العولمة والعالمية: فالإسلام دين عالمي، ويحمل مشروعاً عالمياً، إنما لا يعولم العالم - على غرار ما تفعله القوى الصهيونية والأميركية – بمعنى أنه لا يفرض ثقافته وفكره قسراً على الآخر.

           والطامة الكبرى أن العولمة لا تواجهنا بشكل صريح، ولو كان كذلك فيمكن أن نحترز منها، ونتصدى لها، لكن العولمة تتسلل تسللاً إلى واقعنا، وهنا مكمن الخطر.

أدوات ووسائل العولمة

تقف وراء العولمة أسباب ووسائل كثيرة، متطورة، ومتكاثرة من ذلك:

وسائل الاتصال
-    الإنترنت
-    الهاتف على أنواعه ( الثابت والمتحرك)
-    التلكس ـ الفاكس

وسائل الإعلام
-    المرئي ( الأرضي ـ الفضائي)
-    المسموع
-    المقروء ( صحف ـ مجلات ـ وكالات أنباء)

وسائل التثقيف
-    المعاهد والجامعات
-    مراكز البحوث والمعلوماتية
-    دور النشر
-    الكتب
-    الأفلام

القوى ذات التأثير العالمي

هنالك ثلاث قوى رئيسية ذات تأثير وفاعلية عالمية، بالرغم من تفاوت حجمها، وهي:

أولاً: الرأسمالية والمتمثلة بالولايات المتحدة الأميركية، والتي تخطط للعصر الأميركي والعولمة الرأسمالية.

ثانياً: الصهيونية والمتمثلة بقوى الضغط اليهودية والتي تخطط للعصر الإسرائيلي والعولمة الصهيونية.

ثالثاً: الإسلام والمتمثل بالعالم الإسلامي عموماً والساحة الإسلامية خصوصاً، والذي  يخطط للعصر الإسلامي.

 

1- العولمة الأميركية (الرأسمالية)

تعني العمل على تعميم النمط الحضاري الأميركي على بلدان العالم وشعوبه ، بقصد الهيمنة على الاقتصاد والسياسة والثقافة والأفكار والسلوك، يقول (صادق جلال العظم) المفكر السوري: (إنها حقبة التحول الرأسمالي العميق للبشرية جمعاء في ظل هيمنة الدولة المركزية وبقيادتها وتحت سيطرتها، وفي ظل سيادة نظام عالمي للتبادل غير متكافئ).

إن هذه الأمركة تستخدم في عولمتها كل الشركات العملاقة متعددة الجنسيات، والمؤسسات المالية لصندوق النقد الدولي، ووكالات الأمم المتحدة العاملة في مجال التنمية والثقافة، ومختلف وسائل الإعلام، وأجهزة المخابرات وما سبق وأشرنا إليه تحت عنوان أدوات ووسائل العولمة.

 نماذج من (العولمة الأميركية):

كان المثل الشائع قديماً (إن الإنسان ابن بيئته) أما اليوم فقد غدا الإنسان ابن البيئة العالمية، تكونه وتصنعه بصمات الأغرار والأغراب من هنا وهناك، حتى ليكاد يفقد خصائصه التراثية والوراثية. فبصمات العولمة الأميركية باتت واسعة المساحة وعميقة الأثر وعلى كل صعيد :

            صعيد الأزياء التي تتنافس في صناعتها مئات مؤسسات التصميم مثل ( بيير غاردان، وفير ساتشي، وإيف سانت لوران، وكوكوبروكو، وغيرها ) إضافة إلى الصرعة العالمية المسماة (جينز)، كما تقوم بعرضها مئات عارضات الأزياء . . ومعظم المعروضات من الساقط والفاحش.

            صعيد الأطعمة والأشربة التي لم توفر مدينة من العالم، منها على سبيل المثال (بيتزا هات، كانتكي شيكن، ماكدونالد، هامبرغر وغيرها)

            حتى يكاد شبابنا لا يأكلون من مطابخهم آبائهم وبيوتهم.. هذا نوع من أنواع التطبيع.

            لقد تعارفنا أن نشرب – على سبيل المثال - : ماء السوس والتمر هندي، وشراب الليمون.. اليوم ماذا نشرب؟ (البيبسي كولا والكوكا كولا والسفن آب وغيرها) بغض النظر عن المشروبات الروحية المحرمة... هذا نوع من أنواع اختراق العادة. هذا عولمة للشراب، بل عولمة لتقاليدنا وواقعنا الاجتماعي.

            صعيد العطور ومستحضرات التجميل وأدوات تغيير خلق الله.

            ففي لبنان – مثلاً – ومن خلال العولمة العطرية ظهر هناك عشرات، بل مئات من العطور الأجنبية، نتسوقها وتغزو بلادنا: هذا للسهرة، وهذا للرجال، وهذا للنساء، وهذا لصغيرات السن، وهذا لكبيرات السن، حتى أصبح العطر عالماً قائماً بذاته، وأصبحت المأكولات والمشروبات عالماً قائماً بذاته...

            نحن لسنا ضد العطور، فالعطر سنة من سنن نبينا المصطفى r: "حبب إلي من دنياكم ثلاث: الطيب والنساء، وجعلت قرة عيني في الصلاة" أخرجه أحمد في مسنده... لكن عندما يصبح العطر نوعاً من أنواع التطبيع، واختراقاً لعاداتنا، فهنا مكمن الخطر.

            صعيد الحلاقة وقصّات وموديلات الشعر التي عصفت بالأجيال في كل أنحاء الأرض مثل (البونكي والهيبيز والمارينز وغيرها)... لسنا نحن الذين نحدد موديلات الشعر، بل كلما ظهرت صرعة من الصرعات العالمية. إذا بالشباب المسلمين يقتفون آثارها، فإذا فاز بطل المونديال الرياضي، كان شعره حليقاً، إذا بالشباب يحلقون رؤوسهم اقتداءً بهذا البطل، فبدل أن يكون الرسول r (قدوتنا وأسوتنا)، صار قدوة الأجيال الطالعة المطرب الفلاني، وبطل لعبة كرة القدم، وبطل لعبة كرة الطائرة... إنه اختراق في كل شيء.

            صعيد صناعة الأفلام السينمائية الجنسيَّة والجرمية والأسطورية والخرافية وغيرها والتي تتصدرها وتتقدمها هوليوود ذات الشركات المتعددة والمتخصصة.

            وانا أسأل: أمام قصف الفضائيات التي لا تغلق /24/ ساعة، تقصف أفكارنا ومعتقداتنا، ومقدساتنا، أخلاقنا، وقيمنا، وعاداتنا، وتقاليدنا. أسأل الأئمة والخطباء... ماذا تفعل خطبة الخطيب يوم الجمعة أمام هذا القصف الدائم؟! وما هو حال الأجيال التي تُصنع صناعة مائعة من خلال ما يعرض عليها من مجون وفجور وجريمة مركبة..؟! فالفضائيات العالمية إما أن تقدم برامج الجنس بكل أنواعها وانحطاطاتها، أو تقدم برامج الجريمة، أو تجمع بين الجريمتين!! فأي جيل هذا الذي سيبني أمتنا؟ أي جيل هذا الذي سيواجه المؤامرات التي تشن على أمتنا؟

            نحن ننام، ولكن الشياطين لا ينامون.. هذا نوع من أنواع التطبيع في المجال الإعلامي.

            لدينا عدد من المحطات الفضائية التي يمكن أن تعتبر إسلامية، وهي جديدة حديثة العهد، مثل الشارقة، الجزيرة... وكنا نتساءل عن قناة الجزيرة: لماذا يبدو نصفها إسلامياً، والنصف الآخر غير إسلامي؟ ثم علمنا – منذ فترة قريبة، أن أكبر مساهم في فضائية الجزيرة – حتى يكون نصفها خيراً ونصفها الآخر شراً – هو شخص يهودي!! هذا نوع من أنواع الاختراق والتطبيع والعولمة.

}ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41) {(الروم).

            صعيد سياسات التبشير والتنصير على مثل ما يجري في الكثير من الدول الإفريقية والآسيوية تحت ضغط الفاقة والعوز.

            صعيد الغناء والطرب والموسيقى والرقص مما أدى إلى نشأة أجيال أصبح (مايكل جاكسون ومادونا وسبيس غيرلز وجورج مايكل) مثلها العليا . .

            صعيد العولمة الرياضية وتفاقم بدعة (المونديال) وضياع شخصية الأجيال في حملة المراهنات على هذا الفريق الرياضي أو ذاك.

            صعيد تحريك الفتن والحروب الأهلية والتطهير العرقي والتحولات الديموغرافية (البوسنة والهرسك، كوسوفا..).

            صعيد انتقال الأزمات الاقتصادية والسياسية والمالية والتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان النامية إضافة إلى اصطناع المشاكل الأمنية وتبنّي سياسة الاغتيالات والانقلابات، (إندونيسيا، ماليزيا، لبنان، العراق..).

            صعيد تفتيت البنى السياسية والاجتماعية على قاعدة فرِّق تسُد التي اعتمدها هنري كيسنجر ثم كريستوفر وزراء خارجية الولايات المتحدة.

2- العولمة الصهيونية :

وتهدف إلى تمكين (اليهود) من الإمساك بمقدرات العالم وبخاصة الثقافية منها والاقتصادية عبر التدخُّل الهائل في حركة البورصة العالمية، وامتلاك أضخم الشركات العالمية (كشركة روكفلر) مثلاً.

إن عدداً من بروتوكولات حكماء صهيون تنص بصراحة صهينة العملة العالمية :

يقول البروتوكول الخامس عشر: "يجب أن يكون الدولار في المائة سنة القادمة عملة العالم". ولا يخفى على أحد أن الدولار صناعة يهودية ظاهرها أميركي (أنظر الدراسة) ولقد تحقق ذلك، ومن خلاله تحكَّم اليهود بمقدرات العالم . .

والبروتوكول العشرون يقول: "إن استيلاءنا على ثروات العالم عن طريق الأسهم والسندات سيضطر الحكومات إلى طلب العون المالي منّا".

أما الصهينة الاجتماعية والثقافية فيشير إليها البروتوكول العاشر حيث يقول: "سنوصل العالم بدهائنا وألاعيبنا إلى أقصى درجات التمزُّق والانحلال، حتى يعطونا حاكماً عالمياً واحداً يستطيع أن يوحدّنا ويمحق كل الحدود والقوميّات والأديان".

 نماذج من العولمة الصهيونية :

إن بصمات العولمة الصهيونية شديدة التخريب عميقة الإفساد في معظم المجتمعات البشرية . .

فهي من وراء الترويج للأفكار والفلسفات الإلحادية والعلمانية.

وهي من وراء تأسيس ورعاية نوادي عبادة الشيطان في العالم.

وهي من وراء الانهيارات الاقتصادية والإفقار المخطط والمنظم للشعوب.

وهي المصنّعة الأولى لأفلام الدعارة ومجلاتها وأدواتها ومراكزها. ومن الأمثلة على ذلك تشجيعها للسلطة الفلسطينية على إقامة كازينو للقمار في أريحا هو (كازينو الواحة)، وتسميتها أريحا (بمدينة الخطايا)، حيث أقيم على أرض وقف إسلامي يعود لعائلة الحسيني. والأغرب من هذا هو امتناع إسرائيل عن إقامة الكازينو عندها لأن التعاليم اليهودية تمنع لعب القمار على أراضيها. وهذا ما دفع إسرئيل إلى إنشاء مصنع للفوسفات في المنطقة المجاورة في حين نصبت السلطة الفلسطينية 250 ماكنة قمار . .

وهي المحركة الأساسية للفتن الداخلية، والحروب الأهلية، والصراعات الطائفية والمذهبية والعرقية والأثنية (البوسنة والهرسك، الشيشان، السودان، الأكراد، كشمير، الصومال، أريتريا، أوغندا وغيرها).

 وهي المالكة أو المساهمة بقوّة في شركات النقل والشحن والتأمين العالمية (لويدز).

نتيجة العولمة:

والآن ما هي النتيجة؟

النتيجة أن يتطبع العالم بكل تفاصيل حياته بالحضارة الغربية تبعاً لمنطق ابن خلدون الذي يقول: [المغلوب يُقلد دائماً الغالب] [والضعيف يُقلد القوي].

ـ عولمة الرياضة ( المونديال)

ـ عولمة الرأسمالية كنظام اقتصادي.

ـ وعولمة الديمقراطية كنظام سياسي.

ـ وعولمة العلمانية كمنهج اعتقادي.

ـ وعولمة العنصرية كسياسة اجتماعية.

ـ وعولمة الزواج المدني والزواج المثلي، والشذوذ.

ـ عولمة تجارة وتعاطي المخدرات.

ـ عولمة الانحراف الجنسي ونتائجه المرضية(الإيدز، الدعارة ، الأطفال).

ـ عولمة الانحراف الأخلاقي، الجريمة على أنواعها، ويشهد لذلك ما حصل في لبنان مؤخراً.

ـ عولمة عبادة الشيطان.

ـ عولمة الأغذية الغربية.

ـ عولمة الفن الغربي / الموسيقى/ الأغاني/ المرح.

ـ عولمة الإعلام الغربي.

ـ عولمة العطور الغربية.

ـ عولمة العملة الغربية.

ـ عولمة الصناعة الغربية.

ـ عولمة تفكك الأسرة .

ـ عولمة جسد المرأة (مؤتمر بكين).

- عولمة الرياضة (المونديال).

ـ عولمة العقاقير: فياغرا – المهدئات – الملونات – أدوات المكياج.. الخ.

3- العولمة والمشروع الإسلامي العالمي

بعد أن استعرضنا سمات وقسمات العولمة الحديثة، وأشرنا إلى مخاطر وأخطار آثارها على العالم بشكل عام، وعلى العالم العربي والإسلامي بشكل خاص. تطرح الأسئلة التالية في وجه المشروع (القومي العربي) وفي وجه (المشروع الإسلامي)، وفي وجه الأنظمة العربية والإسلامية، كما في وجه الشعوب العربية والإسلامية:

-      ما العمل حيال العولمة الأميركية؟

-      ما العمل حيال العولمة الصهيونية؟

-      هل من بديل عربي أو مشروع عربي مضاد؟

-      وهل من بديل إسلامي أو مشروع إسلامي مضاد؟

هل قدر الأمة العربية والإسلامية أن تكون مستسلمة أمام استراتيجية التطبيع الأميركي والصهيوني، أم أن بإمكانها القيام بخطوة في مواجهة ما يعطّل دورها، وينهب طاقاتها وإمكاناتها وثرواتها، ثم يعمل على تشويه شخصيتها وطمس هويتها؟

الحقيقة أن غياب المشروع العربي، وبالتالي غياب المشروع الإسلامي العالمي هو الذي ساعد على فتح أبواب المجتمعات العربية والإسلامية على مصاريعها أمام (عولمة الاختراق والغزو) وبخاصة بعد إسقاط الخلافة الإسلامية العثمانية، والتي كانت على علاتها وضعفها، سياجاً يحمي الأمة من عاديات المؤامرات الداخلية والخارجية، وبسقوطها باتت الثغور مشرعة بلا حماة، والحصون مهددة من داخلها.. وكان الطوفان!!

ومن يومها كان اجتياح القوميات على أنواعها والشعوبيات على تنوعها، كما كان اجتياح الحركات التبشيرية والاستشراقية والتغريبية والشيوعية والعلمانية الخ..


           ·      مواقع القرار وأثرها على العولمة:

ومن حين سقوط موقع القرار الإسلامي، بدأت رحلة عولمة القوانين والتشريعات، وعولمة المناهج والسياسات، وعولمة التقاليد والموروثات، كما سبق وبيّنا في فصل سابق من هذا الكتاب.

           ·      مواقع المال والصناعة والسياحة وأثرها في العولمة:

ومن يوم قيام الثورة الصناعية خارج خارطة العالم العربي والإسلامي، بات هذا العالم (عالماً ثالثاً) أي عالماً متخلّفاً استهلاكياً لا حركة فيه ولا إنتاج.

ولقد فعلت الصناعة ـ كماً ونوعاً ـ فعلها الكبير في تكوين وصياغة وقيادة أنظمة وشعوب العالم النامي. فضلاً عن استغلال ثروات هذا العالم، كالثروة النفطية على سبيل المثال. وما يقال عن هذا القطاع يقال عن قطاع السياحة كذلك..

           ·      مواقع الإعلام وأثرها في العولمة:

أما موقع الإعلام ووسائله فقد وضعت الصهيونية والصليبية يدها عليها منذ القدم (راجع كتابنا: المكائد الدولية على العالم الإسلامي).

           ·      مواقع التعليم ومراكز المعلومات:

وما يقال عن مواقع الإعلام يقال عن مواقع التعليم ومراكز الدراسات والمعلوماتية فإن معظمها واقع ضمن دائرة سيطرة وتسخير الآخرين.

           ·      المنظمات الدولية وأثرها في العولمة:

أما المنظمات الدولية كهيئة الأمم المتحدة، وما ينبثق عنها ويتفرّع منها من أجهزة ومؤسسات ومراكز، كالأونسكو فقد بقيت منذ نشأتها خارج دائرة التأثير العربي والإسلامي، بل إنها سخرت من قبل الغرب والصهيونية ضد مصالح العرب والمسلمين. (راجع كتابنا: المكائد الدولية..)

           ·      المواقع العسكرية والأمنية وأثرها في العولمة:

ثم إن امتلاك الأسلحة النووية والإستراتيجية من قبل الغرب عموماً والولايات المتحدة الأميركية خصوصاً، وما تبع ذلك من تشكيل الأحلاف العسكرية كحلف شمال الأطلسي، إضافة إلى بناء المؤسسات والأجهزة الأمنية، كوكالة الاستخبارات الأميركية (CIA) وغيرها، مكّن المشروع الأميركي من فرض هيمنته على مختلف أقطار العالم.

           ·      المشروع الإسلامي والتسخير:

لقد عمل الغرب على تسخير كل الوسائل والمواقع من أجل اختراق وتطبيع المجتمعات البشرية، ومن أجل إحكام سيطرته على العالم شعوباً وأنظمة.

من هنا كان مطلوباً من العالم الإسلامي العمل على امتلاك كل وسائل العصر وتسخيرها في إطار عولمة المشروع الإسلامي وتقديم الإسلام كبديل حضاري للبشرية جمعاء.

والعالم الإسلامي كما رأينا في فصل سابق يمتلك قدرات هائلة إنما جلّها مستغل من قبل الآخرين أو معطّل.

ملامح العولمة الإسلامية:

العولمة الإسلامية  تعني نقل الحضارة الإسلامية إلى العالم . . الحضارة ذات البعد الإنساني التي لا تماثلها حضارة أخرى .

إن عالمية الإسلام صفة أساسية في هذا الدين بدليل قولـه تعـالى : )وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ((الأنبياء ـ 107) وقوله : )وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا( (سبأ ـ 28).

وعالمية هذا الدين إلى جانب خصائصه الأخرى الإنسانية جعلته ينساب في المجتمعات البشرية انسياباً طبيعياً، تتلقفه العقول والقلوب، تؤمن به عن طواعية، وتعتنقه عن قناعة.

لم تكن عالمية الإسلام حالة استكراه للغير، أو نتيجة إلغاء للآخر ذلك أن منهجيتـه تنـص علـى أنـه) لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ( (البقرة ـ 256).

ولم تكن عالمية الإسلام حالة اتساع حربي وهيمنة عسكرية، وإنما كانت نتيجة دخول الناس في دين الله أفواجاً.

ومن خلال ذلك عمَّت حضارة الإسلام واستمرت على هذا النحو حقبات طويلة من الزمن، بقدر التزام المسلمين بهذه القيم والمواصفات:

* مواصفات عقائدية:

من خلال عقيدة التوحيد وقدرتها الإقناعية والفطرية، وما تتركه في النفوس من ارتياح وطمأنينة: )أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ( (الرعد ـ 28).

* مواصفات تشريعية :

من خلال خصائص التشريع الإسلامي وتميزه بالربانية والفطرية، والتوازن والشمول والعالمية والمرونة والواقعية.

من خلال الدفاع عن الحريات، (حقوق الإنسان ونشر العدالة والمساواة).

من خلال النظام الاقتصادي العادل.

من خلال النظام الجنائي الرادع.

* مواصفات أخلاقية:

من خلال تطابق المظهر مع الجوهر، والشعار مع المضمون، والعلم مع العمل.

من خلال حيازة العلوم والنبوغ العلوم فيها (الفلك، الطب... الخ).

من خلال الأخلاق الحربية وإنسانية الممارسة العسكرية (وصايا الخلفاء والأمراء والفاتحين).

من خلال الخطاب الحضاري.

من خلال التزام العهود والمواثيق (لا يجوز في ديننا الضرر).

           من خلال الأخلاق التجارية (سمح إذا باع، سمح إذا اشترى).

أن مستقبل العالم الإسلامي في مواجهة تلك التحديات تحدده الاعتبارات التالية:

أولاً: إمكان نجاح المسلمين في إقامة وحدة سياسية وإقتصادية،  وعسكرية فيما بينهم.

ثانياً: إمكان نجاح المسلمين في تطوير إمكاناتهم العلمية والتقنية والمالية، والإستفادة من ثرواتهم النفطية والمعدنية وغيرها.

ثالثاً: إمكان نجاح المسلمين في التحرر من التبعية والولاء للغير وللقوى الأجنبية.

رابعاً: إمكان نجاح المسلمين في إعادة بناء أنفسهم ، كأمة دعوة تحمل رسالة الإسلام إلى العالمين . فهي لا تكتفي بإطلاق زفرات الحوقلة وآهات اليأس والإحباط، وإنما تتحضر وتتهيأ، لتكون بديلاً حضارياً يخرج الناس من الظلمات إلى النور.

والحمد لله رب العالمين.


 
 
moncler