حزب التحرير
التعريف:
حزب التحرير حزب سياسي اسلامي تقوم دعوته على وجوب إعادة الخلافة الإسلامية معتمداً الفكر أداة رئيسية في التغيير، وقد صدرت عنه اجتهادات شريعةعديدة كانت محل انتقاد جمهرة علماء المسلمين.
التأسيس وأبرز الشخصيات:
- مؤسسة الشيخ تقي الدين النبهاني (1909 – 1979م) فلسطيني، من مواليد قرية إجزم قضاء حيفا، تلقى تعليمه الأولي في قريته ثم التحق بالأزهر فدار العلوم بالقاهرة، وعاد ليعمل مدرساً فقاضياً في عدد من مدن فلسطين.
- إثر نكبة 1948م غادر وطنه مع أسرته إلى بيروت.
- عيِّن بعد ذلك عضواً في محكمة الاستئناف الشرعية في بيت المقدس ثم مدرساً في الكلية الإسلامية في عمَّان.
- في عام 1952م أسس حزبه وتفرغ لرئاسته ولإصدار الكتب والنشرات التي تعد في مجموعهاالمنهل الثقافي الرئيسي للحزب، تنقل بين الأردن وسوريا ولبنان إلى أن كانت وفاته في بيروت وفيها دفن.
- من الصعوبة بمكان معرفة الشخصيات القيادية البارزة في الحزب وذلك بسبب انتهاج السرية الشديدة في العمل التنظيمي.
- بعد وفاة النبهاني ترأس الحزب عبد القديم زلوم وهو من مواليد مدينة الخليل بفلسطين وصاحب كتاب (هكذا هُدِمَت الخلافة).
الأفكار والمعتقدات:
- لا تخرج دعوتهم عن أن تكون واحدة من الجماعات الإسلامية التي تحمل فكر أهل السنة والجماعة.
- تقوم غايتهم على استئناف الحياة الإسلامية عن طريق إقامة الدولة الإسلامية في البلدان العربية أولاً ثم الإسلامية، ويتم حمل الدعوة بعد ذلك إلى البلدان غير الإسلامية عن طريق الأمة المسلمة.
- الميزة الرئيسية التي يتصف بها الحزب هي التركيز الكبير على الناحية الثقافية والاعتماد عليها في إيجاد الشخصية الإسلامية أولاً والأمة الإسلامية آخراً، ويحرص الحزب أشد الحرص على تنمية هذه الناحية لدى المنتسبين إليه.
- يركز الحزب على إعادة الثقة بالإسلام عن طريق العمل الثقلفي من ناحية والعمل السياسي من ناحية أخرى.
1- العمل الثقافي: « ويكون بتثقيف الملايين من الناس تثقيفاً جماعياً، وبالثقافة الإسلامية، وهذا يوجب على الحزب أن يتقدم أمام الجماهير ويتصدر لمناقشتهم وأسءلتهم وشكوكهم وتأييدهم حتى يصهرهم بالإسلام » (من كتاب مفاهيم أساسية ص87).
2- العمل السياسي: « ويكون برصد الحوادث والوقائع، وجعل هذه الحوادث والوقائع تنطق بصحة أفكار الإسلام وأحكامه وصدقها فتحصل الثقة لدى الجماهير بذلك» (ندار حار ص96).
يفلسف الحزب طريقة وصوله إلى تحقيق أهدافه بما يراه من أن أي مجتمع إنما يعيش الناس فيه داخل جدارين سميكين: جدار العقيدة والفكر، وجدار الأنظمة التي تعالج علاقات الناس وطريقتهم في العيش، فإذا أريد قلب هذا المجتمع من قبل أهله أنفسهم فلا بد أن يركز هجومه على الجدار الخارجي (أي مهاجمة الأفكار) مما يؤدي إلى صراع فكري حيث يحصل الانقلاب الفكري ثم السياسي.
يقسم الحزب مراحل عملية التغيير إلى ثلاث مراحل على النحو التالي:
- المرحلة الأولى: الصراع الفكري، ويكون بالثقافة التي يطرحها الحزب.
- المرحلة الثانية: الانقلاب الفكري، ويكون بالتفاعل مع المجتمع عن طريق العمل الثقافي والسياسي.
- المرحلة الثالثة: تسلم زمام الحكم، ويكون عن طريق الأمة تسلماً كاملاً.
- ويرى بأنه لا بد له في المرحلة الثالثة من طلب النصرة من رئيس دولة، أو رئيس كتلة، أو قائد جماعة، أو زعيم قبيلة، أو من سفير، أو ما شاكل ذلك.
- حدد الحزب أولاً منذ ثلاثة عشر عاماً من تاريخ تأسيسه للوصول إلى الحكم، ثم مددها ثانية إلى ثلاثة عقود من الزمان (30 سنة) مراعاة للظروف والضغوط المختلفة، ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث على لرغم من مضي المدتين.
- يغفل الحزب الأمور الروحية وينظر إليها نظرة فكرية إذ يقول: « ولا توجد في الإنسان أشواق روحية ونزعات جسدية، بل الإنسان فيه حاجات وغرائز لا بد من إشباعها». « فإذا أشبعت هذه الحاجات العضوية والغرائز بنظام من عند الله كانت مسيرة بالروح، وإذا أشبعت بدون نظام أو بنظام من عند غير الله كان إشباعاً مادياً يؤدي إلى شقاء الإنسان».
- يرى الشيخ تقي الدين أن الصعوبات التي تعترض قيام الدولة الإسلامية هي:
1- وجود الأفكار غير الإسلامية وغزوها للعالم الإسلامي.
2- وجود البرامج التعليمية على الأساس الذي وضعه المستعمر.
3- استمرار تطبيق البرامج التعليمية على الأساس الذي وضعه المستعمر حسب الطريقة التي أرادها.
4- وجود إكبار لبعض المعارف الثقافية واعتبارها علوماً عالمية.
5- كون المجتمع في العالم الإسلامي يحيا حياة غير إسلامية.
6- بعد الشقة بين المسلمين وبين الحكم الإسلامي، لا سيما في سياسة الحكم وسياسة المال، حيث يؤثر هذا البعد فيجعل تصور المسلمين للحياة الإسلامية ضعيفاً.
7- وجود حكومات في البلاد الإسلامية تقوم على أساس ديمقراطي وتطبق النظام الرأسمالسي كله على الشعب.
8- وجود رأي عام عن الوطنية والقومية والاشتراكية.
· يحرم الحزب على أعضائه الاعتقاد بعذاب القبر وبظهور المسيح الدجال ومن يعتقد هذا في نظرهم يكون آثماً.
· يرى زعماء الحزب عدم التعرض للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن ذلك لديهم من معوقات العمل المرحلي الآن، فضلاً عن أن هذا الأمر والنهي إنما هما من مهمات الدولة الإسلامية عندما تقوم.
· للحزب دستور مؤلف من 187 مادة معد للدولة الإسلامية المتوقعة، وقد شرح هذا الدستور شرحاً مفصلاً، ولا يخرج هذا العمل عن أن يكون مجرد ترف فكري بعيد عن أرض الواقع.
هذا ويأخذون الدارسون على الحزب عدة أمور منها:
أولاً: قضايا دعوية:
- تركيزه على النواحي الفكرية والسياسية وإهماله النواحي التربوية والروحية.
- انشغال أفراد الحزب بالجدل مع كافة الاتجاهات الإسلامية الأخرى.
- إعطاء العقل أهمية زاءدة في بناء الشخصية وفي الجوانب العقائدية.
- اعتماد الحزب على عوامل خارجية في الوصول إلى الحكم عن طريق طلب النصرة والتي قد يكون فيها تورط غير متوقع.
- تخليه عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حالياً.
- يتصور القارئ لفكر الحزب أن همه الأول هو الوصول إلى الحكم.
- المحدودية في الغايات والاقتصار على بعض غايات الإسلام دون بعضها الآخر.
- التصور بأن مرحلة التثقيف ستنقلهم إلى مرحلة التفاعل فمرحلة استلام الحكم، وهذا مخالف لسنة الله في امتحان الدعوات، ومخالف للواقع المحفوف بآلاف المعوقات.
- معاداة جميع الأنظمة التي يتحركون فوق أرضها مما ورطهم بحملات اعتقالات دائمة ومستمرة، ولعل السرية الشديدة وطموحهم للوصول إلى الحكم هو السبب في تخوف الأنظمة منهم وملاحقتهم دون هوادة.
ثانياً: قضايا فقهية:
- قام الحزب بإصدار فتاوى وإعطاء أحكام فقهية غريبة عن الفقه والحس الإسلامي وألزم أتباعه بتبني هذه الأحكام والعمل على نشرها، ومن ذلك:
- قوله بجواز عضوية غير المسلم، وعضوية المرأة في مجلس الشورى.
- إباحته النظر إلى الصور العارية.
- إباحته تقبيل المرأة الأجنبية بشهوة وبغير شهوة وكذلك مصافحتها.
- قوله بجواز أن تلبس المرأة الباروكة أو البنطال وأنها لا تكون ناشزة إذا لم تطع زوجها في التخلي عن ذلك.
- قوله بجواز أن يكون القائد في الدولة المسلمة كافراً.
- قوله بجواز دفع الجزية من قبل الدولة المسلمة للدولة الكافرة.
- قوله بجواز القتال تحت راية شخص عميل تنفيذاً لخطة دولة كافرة ما دام القتال قتالاً للكفار.
- قوله بسقوط الصلاة عن رجل الفضاء المسلم.
- قوله بسقوط الصلاة والصوم عن سكان القطبيين.
- قوله بالسجن عشر سنوات لمن تزوج بإحدى محارمه حرمة مؤبدة.
- قوله بأن الممرات المائية بما فيها قناة السويس ممرات عامة لا يجوز منع أي قافلة من المرور فيها.
- قوله بجواز الركوب في وسائل المواصلات (البواخر والطائرات...) التي تملكها شركات أجنبية مع تحريم هذا الركوب إن كانمت مملوكة من شركات أصحابها مسلمون لأن الأخيرة ليست أهلاً للتعاقد في نظره.
الجذور الفكرية والعقائدية:
- كانت للمؤسس أفكار قومية إذ أصدر سنة 1950 م كتاباً بعنوان « رسالة العرب» وانعكس هذا على ترتيب أولويات إقامة الدولة الإسلامية في البلدان العربية أولاً ثم الإسلامية.
- كان النبهاني في بداية أمره على صلة بالإخوان المسلمسن في الأردن، يلقي محاضراته في لقاءاتهم، ويثني على دعوتهم وعلى مؤسسها الشيخ حسن البنا، لكنه ما لبث أن أعلن عن قيام حزبه مستقلاً فيه تأسيساً وتنظيراً.
- ناشده الكثيرون العدول عن هذه الدعوة ومن أولئك الأستاذ سيد قطب حين زيارته للقدس عام 1953م فقد ناقشه كثيراً ودعاه إلى توحيد الجهود لكنه أصر على موقفه، فقال سيد كلمته المشهورة: « دعوهم فسينتهون من حيث بدأ الإخوان».
الانتشار ومواقع النفوذ:
- ركز الحزب نشاطه في البداية على الأردن وسوريا ولبنان ثم امتد نشاطه إلى مختلف البلدان الإسلامية، وأخيراً وصل نشاطه إلى أوروبا وخصوصاً النمسا وألمانيا.
- كانت للحزب صحيفة أسبوعية تصدر في بيروت باسم « الحضارة».
- يسمي الحزب الأقطار التي يعمل فيها باسم « الولايات» ويقود التنظيم في كل ولاية لجنة خاصة به تسمى « لجنة الولاية» وتتشكل من (3 – 10) أعضاء.
- تخضع لجان الولايات إلى مجلش القيادة السري.
مراجع للتوسع:
1 - الدعوة الإسلامية فريضة شرعية د.صادق أمين – جمعية عمال المطابع
وضرورة بشرية التعاونية – عمَّان – 1978م.
2 - الموسوعة الحركية « جزءان » فتحي يكن – ط 1 – دار البشير - عمان – 1403هـ/1983م.
3 - الطريق إلى الجماعة المسلمين حسين بن محسن بن علي جابر- ط1- دار الدعوة – الكويت – 1405هـ/ 1984 م.
4 - الموسوعة الفلسطينية إصدار هيئة الموسوعة الفلسطينية – طبع في مطابع ميلانو ستامبا
الإيطالية – ط 1- 1984م.
5 - هكذا هدمت الخلافة عبد القديم زلوم.
6 - الفكر الإسلامي المعاصر غازي التوبة–ط1– 138هـ/1969 م.
7 - مشطلات الدعوة والداعية فتحي يكن – مؤسسة الرسالة – بيروت – ط3 – 1393هـ / 1974م.
8 -الدوسية (وهي الأمور التي يتبناها الحزب).
9 - نص نقد مشروع الدستور الإيراني المطروح للمناقشة في لجنة الخبراء ونص الدستور الإسلامي المأخوذ من كتاب الله وسنة رسوله اللذان قدمهما حزب التحرير إلى آية الله الخميني ولجنة الخبراء 7 شوال 1399 هـ/ 30 آب 1979م.
10 - من كتب الحزب التي ألفها الشيخ النبهاني وكذلك التي ألفها الحزب والتي تمثل في مجموعها فكر الحزب وثقافته هي: الفكر الإسلامي – نظام الإسلام – النظام الاقتصادي في الإسلام – نظام الحكم في الإسلام – الدستور الإسلامي – نقطة الانطلاق – التكتل الحزبي – مفاهيم سياسية لحزب التحرير – كتاب التفكير – كتاب الخلافة – سرعة البديهة – نقض النظرية الاشتراكية – الشخصية الإسلامية – نداء حار إلى العالم الإسلامي.