{ فأقم وجهك للدين حنيفا ، فطرة الله التي فطر الناس عليها ، لا تبديل لخلق الله ، ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون }الروم 30
ومن ركائر الفطرة في الاسلام ، تنظيم العلاقة الجنسية بين الرجل والمراة من خلال الزواج ، تخيرا ً للنوعية، وملاحظة للكفاءة ، وتقيدا ً بالشروط ، وقياما ً بالتبعات المادية والمعنوية ، وتاسيسا ً للعائلة ، وتربية ً للذرية .
فالزواج في الاسلام نظام كامل تتحقق من خلاله العفة ، ويصان العرض ، ويتوالد منه الدفء والاستقرار والسكن . قال تعالى : {ومن آياته أن خلق لكم من انفسكم أزواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة }
فطرية العلاقة الجنسية
والعلاقة الجنسية تبدأ فطريتها داخل المؤسسة الزوجية ، بينما تصبح شاذة خارج ذلك . والزواج الاسلامي هو الطريق الوحيد الذي يحقق الاشباع الجنسي للفرد من غير إضرار بالمجتمع ، بل هو الواحة الطبيعية التي تجمع بين الجنسين وتمنحهما الراحة النفسية والحسية وتحقق لهما الأمن الصحي .
مخالفة الفطرة في العلاقات الجنسية
ويبدأ الانحراف والشذوذ في العلاقات الجنسية بممارستها خارج نطاق الزوجية ، حيث يشهد العالم اليوم الوانا شتى من الممارسات الشاذة يأباها العقل السليم والذوق السليم ، كما تأباها الكرامة .
وتبدو الصورة في هذا المجال قاتمة مخيفة ، إذ خرجت العملية الجنسية عن كل المالوفات والمعقولات وكل القيم والمبادئ ؟ فالجنس الجماعي ، والجنس المثلي ، والجنس الاصطناعي ، والجنس الافتراضي ، والجنس الحيواني باتت عناوين عريضة لهذا العالم المجنون ؟
ثم إن الانحراف الجنسي لم يعد انحرافا فرديا وعفويا ومحدود النطاق ، بل أصبح عالما تتحكم فيه المافيات والعصابات ، وتتستر عليه الدول ، إن لم تكن ضالعة فيه ؟
من نتائج مخالفة الفطرة
ولا يسعني في مجال الكلام حول نتائج الانحراف الجنسي عن منهج الفطرة ، إلا أن أشير الى أن وباء العصر
[ الايدز] الذي أودى بحياة الملايين ، والذي يتهدد عشرات الملايين بالموت ، هو نتيجة طبيعية حتمية للعلاقات الجنسية المنحرفة ، والتي تمارس خارج المؤسسة الفطرية ، أي الزواج ؟
إن من الفطرة أن يمارس الجنس بين رجل وامرأة ، وليس بين رجال ونساء ، أو بين رجال ورجال و نساء ونساء ؟ ومن الفطرة أن يكون إتيان الجنس إتيانا طبيعيا كلما دعات الحاجة الغريزية الى ذلك ، وليس من خلال المثيرات والمنشطات والعطورات والعديد من الأدوات التي تتفنن في صناعتها والاتجار بها وتسويقها الكثيرمن الشركات ؟
وعندما يمارس الجنس بلا ضوابط ، وتختلط العلاقات الجنسية وتتعدد ، يبدأ زحف الأمراض والأوبئة الفتاكة ، وتتشكل في الاجساد محاضن خبيثة تعشش فيها الفيروسات والميكروبات والجرائيم ، بقدر الهتك الذي اصاب مواقع العفة والطهر ، وبحجم السفاح الذي أودى بالنظافة الحسية والنفسية ، وبلا سقف أو حدود ؟
في النهاية ، لايسعني إلا أن أدعو العالم الذي يتمرغ في أوضار الفواحش والرذائل والموبقات ، الى وقفة تأمل واعتباربكل ما يجري ، وبخاصة أنه مدرك تمام الادراك للاسباب الحقيقة التي تقف وراء ظهور وانتشار طاعون العصر ، الذي يتهدد المجتمعات المنحلة بوجه خاص بالفناء الشامل ، والعياذ بالله تعالى، { إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب ، أو القى السمع ، وهو شهيد } والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
فتحي يكن
الخميس 27جمادى الثانية 1423هـ الموافق 5 ايلول [ سبتمبر ] |