لاعيد لمن لا جائزة له ؟
 

الحمد لله الذي أتم علينا نعمة الصوم  ،  ودعانا لنيل جائزته ، وبلوغ رضاه ..  وأكرمنا بشفاعة نبيه .

ونسأله تعالى أن يتصدق علينا ويمنحنا لذة النظر الى وجهه الكريم يوم القيامة ، ويمن علينا بصحبة نبيه الأمين في جنات النعيم ..

وبعد : فقد ارتحل رمضان ،  كما يرتحل كل شيء في هذه  الدنيا ـ وسبحان الحي الباقي الذي لا يحول ولا يزول ولا تدركه العقول ـ  مخلفا ما أمكن تزوده خلال أيامه المباركات ، ولياليه المقدسات ، من خير وبر وتقوى ونور ..

السعيد السعيد ، من نال  هذه النعمة ، وتبوأ هذه القمة ، وبلغ هذا المقام ، ونال رضى مولاه ، ونسأل الله أن نكون من هؤلاء ..

والشقي الشقي ، من حُرم هذا الخير ، وفاته هذالنعيم  ، وكان ممن عناهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله :{ بعـُد من أدرك رمضان ولم يغفر له } ونعوذ بالله تعالى  أن نكون من هؤلاء .

اليوم .. هو يوم الجائزة .. هكذا سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم ..

وذلك : مصداقاً لقوله e فيما ورد عن ابن عباس t مرفوعاً: "إذا كان يوم الفطر هبطت الملائكة إلى الأرض، فيقومون على أفواه السكك ينادون بصوت يسمعه جميع خلق الله إلا الجن والإنس يقولون: يا أمة محمد، أخرجوا إلى رب كريم يعطي الجزيل ويغفر الذنب العظيم، فإذا برزوا إلى مصلاهم، يقول الله عز وجل لملائكته يا ملائكتي ما جزاء الأجير إذا عمل عمله؟ فيقولون: إلهنا وسيدنا توفيه أجره، فيقول: إني أشهدكم إني قد جعلت ثوابهم من صيامهم وقيامهم رضائي ومغفرتي، انصرفوا مغوراً لكم".

إن تخصيص رمضان بجائزة ربانية تـُمنح للذين أحسنوا الصيام والقيام، لدليل على أهمية ومكانة هذا الشهر، كما على عظيم فضل الصيام والقيام عند الله عز وجل.

أما عن الجائزة فلا شك أنها ثمينة لا تضارعها جائزة أخرى.. وقد تكون بشارة بالعتق من النار.. إنها في كل الأحوال عطاء من الله جزيل  لا يقل عن محبته ورضاه.. والخطاب النبوي يؤيد ذلك بل يؤكده قوله e: "كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلى ما شاء الله، قال عز وجل: ]إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي[ للصائم فرحتان، فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فمه أطيب عند الله من ريح المسك" رواه ابن ماجة.

نسأل الله تعالى أن يجعلنا  جميعا من المحظيين بالجائزة ، لنعيش لذة العيد وفرحة العيد .. وهل من فرحة لشقي ، او لذة لغير تقي ؟

وثمة قضية كبرى يجب أن تلازمنا في عيدنا ، ولو أقلقتنا  ، وخطفت فرحتنا ، ونالت من لذتنا وسعادتنا ، وهي أن إخوانا لنا في فلسطين ، والشيشان ، وأفغانستان ، والعراق ، وكشمير ، وفي العديد العديد من ثغور الاسلام ، يتجرعون المر صباح مساء ..  ففي كل بيت مأتم .. وفي كل بلدة جنازة .. وفي كل مكان خراب ودمار وتشريد ، حيث لا مأوى ولاماء ولاغذاء ولا كهرباء ولا دواء ؟

فكيف لنا أن نفرح وهم مكروبون  ؟

وكيف لنا أن نضحك وهم باكون ؟

وكيف لنا أن نهناء وهم بائسون ؟

وكيف لنا أن نطمئن وهم خائفون ؟

إن مما علمنا الاسلام ، أن نعيش هم الاسلام والمسلمين .   نسعد إن كان الاسلام والمسلمون بخير، ونحزن إن كانوا غير ذلك .. فكيف والأعداء يتداعون ويتآمرون ويفتكون بالمسلمين في  كل مكان ؟

فلنكن في مستوى الاسلام  إحساسا وشعورا  وإعدادا ومسؤولية ودورا ً ، وليحدونا ويوقظنا ـ دائما وأبدا ـ قول الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم : { من بات ولم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم }

ختاما .. أسأل الله لي ولكم منه الرضى والقبول ، وصحبة وشفاعة مولانا الرسول عليه سلامات الله تعالى ورحماته ، والحمد لله رب العالمين .

العبد الفقير الى رحمة الله

فتحي يكن

* أسماء الدول التي اعلنت الخميس أول أيام عيد الفطر :

  السعودية ومصر والكويت وقطر والإمارات والبحرين والعراق واليمن والأردن وفلسطين والسودان ولبنان وسوريا وتونس وليبيا والجزائر وموريتانيا والصومال وجزر القمر بعيد الفطر المبارك الخميس 5-12-2002، بعد أن أعلنت المؤسسات الشرعية المسئولة في هذه الدول ثبوت رؤية هلال شوال الأربعاء 4-12-2002 الموافق 29 رمضان 1423هـ.

الخميس / 1 / شوال / 1423 هـ  الموافق 5  كانون الأول 2002 م