يقول الله تعالى [ حتى إذا أخذت الأرض زخرفها ، وازّينت ، وظن أهلها أنهم قادرون عليها ، أتاها أمرنا ليلا أو نهارا ، فجعلناها حصيداًً ، كأن لم تغن بالأمس ، كذلك نفصل الآيات لقوم بتفكرون ] يونس 24
يلفتنا هذا السياق القرآني الى جملة حقائق يجب أن تبقى ماثلة أمامنا ، وأن لا تغادر تفكيرنا ، ففيها العبرة والذكرى ، وفيها السداد والرشاد ..
* ألأرض ماضية في زخرفها وزينتها ، بشواهق البنيان ، وروائع العمران ، ووسائل الراحة ، وصنوف المخترعات والمكتشفات ، وأدوات الاتصال والانتقال ، وعوالم العطور والزينة ، مما يؤكده سياق قرآني آخر يجليه قوله تعالى [ زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين ، والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة ، والخيل المسو مة ، والانعام والحرث ، ذلك متاع الحياة الدنيا ، والله عنده حسن المآب ] أل عمران 14
* ألناس ـ تبعا لذلك ـ سيكونون أشد انجذابا اليها ، وانشغالا بها ، وبالتالي غفلة عن الموت والأجل ، والانشغال بصالح العمل، يصدق فيهم قوله تعالى [ فخلف من بعدهم خلف ، أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا ] مريم59
* ويظن هؤلاء أنهم باتوا قادرين على التحكم بمقدرات الانسان والكون والحياة من خلال المكتشفات العلمية ، والتجليات الطبية ، كعلم الهندسة الوراثية ، والاستنساخ ، واسلحة الدمار الشامل وغيرها ، مما يزيدهم غفـــلة و طغيانــا .
[ أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون ؟ أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون ؟ أفأمنوا مكر الله ، فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون ] الاعراف 97-99
* وتتجلى قدرة الله ، ويأتي أمره ، في أخذ الأرض ومن عليها ، وهم في أبهى حللهم ، وأكمل زينتهم ، وأعلى قوتهم [ أتاها أمرنا ] إنه صاحب الشأن ، الفعال لما يريد ، والقاهر فوق عباده ،[ الذي أمره اذا اراد شيئا أن يقول له كن فيكون ]
* وينتهي السياق القرآني بدعوة صارخة الى التنبه والتفكر ، هي أشبه بالصدمة [ كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون ] فالفرصة للتوبة والانابة ـ قبل وقوع الواقعة ـ لاتزال قائمة ، فاذا وقعت فلا فرصة بعدها ولا سانحة من جديد ؟ وصدق الفاروق عمر حيث يقول [ حاسبوا انفسكم قبل أن تحاسبوا وزنزها قبل أن توزنوا ، وتهيئوا للعرض الآكبر ، فاليوم عمل ولا حساب ، ويوم القيامة حساب ولا عمل ] فنسأل الله تعالى الهدى والسداد ، والحمد لله رب العالمين .
فتحي يكن الخميس 4شعبان 1423هـ / الموافق 10 تشرين الأول 2002 م |