مع انعقاد المؤتمر العالمي لما يسمى قمة الأرض في جوهانسبورغ بجنوب افريقيا ، تتزاحم الأسئلة والتساؤلات حول طبيعة هذا المؤتمر ومقاصده والدول والقوى الممثلة فيه ؟
وتاتي الاجابة عادة حول هذه القمة بأنها تقصد الى معالجة المشكلات والمخاطر التي تتهدد الأرض ؟؟ مشكلة التلوث البيئي + مشكلة التصحر وتراجع الانتاج الزراعي لدى العديد من الدول الافريقية والآسيوية + مشكلة شح المياه والعطش الذي يطال أكثر من ثلث سكان الأرض + مشكلة الطاقة التي تنعم بها دول وشعوب بلا حدود ، وتحرم منها أخرى بلا حدود ؟
مشكلات كثيرة ومتعددة تلكم الموضوعة على جدول أعمال مؤتمر الأرض .. والمجتمعون تناولوا وسيتناولون كل الموضوعات المدرجة ، إنما يبقى هنالك موضوع واحد لايطرح ، والمتعلق بتحديد مسؤولية المآسي والكوارث التي تعيشها الأرض وشعوب الارض ، وبخاصة فيما يسمى بالعالم الثالث ؟
إن ما يهمني أن أقوله في هذه العجالة : أن الدول الصناعية الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الاميركية ، وانحياز وظلم السياسات الاقتصادية والبيئية والصحية لهذه الدول هو المتسبب الاساس لكل ما تعاني منه البشرية على كل صعيد ؟ وحسبي في هذا المقام ، أن أقدم عينة من عينات هذا الظلم ـ بل الاجرام الذي يمارسه هؤلاء بحق الأرض ومن عليها ؟
في لقاء عقد في البيت الأبيض منذ سنوات ، ضم نائب رئيس البنك العالمي للتنمية " صموميرز " ووكيل وزارة الصحة في البيت الأبيض ، قال ميرز : [ ألا ترون معي أن على البنك الدولي تشجيع هجرة الصناعات القذرة ـ يعني النفايات الصناعية ـ الى العالم الثالث ؟ إن الشحاذين لا خيار لهم .. فإذا أرادوا أن يأخذوا معوناتنا فعليهم أن يقبلوا شروطنا ؟ وإن تعداد سكان العالم الثلث منخفض ، ودرجة التلوث منخفضة هي كذلك ، وهواؤها وماؤها أنقى ، وبذلك يكون منطقيا القاء النفايات فيها ، حتى تتحقق المساوة في التلوث ]
بهذا المنطق القذر الحاقد يخطط قادة وزعماء ما يسمى العالم الحر لارتكاب كل الجرائم بحق الانسان والانسانية ، في حين يشاركون بقوة وفاعلية في قمة الارض ، بذريعة تقديم حلول ومساعدات لضحاياهم من الشعوب التي أوصلوها بظلمهم وبغيهم وطغيانهم الى نهاية الفقر والجوع والعطش والتلوث ، بل الموت ؟
ولقد نال لبنان من ذلك النصيب الأوفى ، حيث تم تصدير عشرات الآلآف من البراميل التي تحتوي نفايات صناعية سامة ـ خلال الحرب الداخلية وغيبة سلطاته الشرعية، التي حلت محلها العصابات والمافيات ـ لتدفن في جباله وسهوله وساحله وبحره ، ولتجر عليه الويلات في صحة ابنائه وفي زراعته ومائه وتربته ؟
هكذا ينبغي أن ينظر الى مؤتمر قمة الأرض ـ بل المتآمرين فيها على الانسان ـ ومن خلال ذلك يجب أن يحاكموا كمجرمي حرب ،ولكن هذه المرة باسلحة اخرى وإن كانت أعتى من أسلحة الدمار الشامل ؟
الخميس 21جمادى الثانية 1423هـ
الموافق 29 آب [ اغسطس]2002م |