هنالك ظاهرة مرضية آخذة في التفاقم مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية في العديد من دول العالم العربي والاسلامي .. تلكم هي ظاهرة تسخير أعمال ومشاربع خيرية لأغراض شخصية وسياسية وعائلية ، وبالتالي ركوب موجة النفس الخيري ، واقامة مؤسسات للابتزاز والاستغلال النفعي المادي الصرف ؟
أنا لا أقول هذا الكلام ظنا او مبالغة ، ولا تجنيا وافتئاتا ، ولكنني اطرح هذا الأمر الخطير من موقع المسؤولية والخبرة الطويلة ، ومن خلال حوادث واحداث تتكرر وتتنامى هنا وهناك وهنالك ، مسيئة الى قدسية العمل الخيري ، ومبددة للأموال العامة واهدارها في غير ما شرعت له وجمعت من أجله ؟
فهنالك اسماء لمؤسسات وجمعيات ـ هي اشبه بدكاكين صغيرة أو سوبرماركات كبيرةـ ذات انتفاع خاص ، تقوم بجمع التبرعات والمساعدات المالية والعينية وغيرها ، ليصار الى تحويلها بعد ذلك ، الى املاك شخصية ، بعد تخصيص نسبة ضئلية منها للجانب الخيري الوهمي ذرا للرماد في العيون ولتكتمل من خلال ذلك عملية سطو وقرصنة منظمة للمال العام ؟
ان كلامي هذا لايطال ـ بحال من الاحوال أو شكل من الأشكال ـ مؤسسات وجمعيات خيرية وانسانية كثيرة ، نعتد بها ونحترم ، تبقى فوق الشك والريبة إن شاء الله ، ولا ازكي على الله احدا ، انما اقصد بكلامي تلك التي لاترعى في حرمات المسلمين واموالهم الاً ولا ذمة فضلا عن أنها تسيء الى تلك النظيفة العفيفة الشريفة ، مما يؤدي في بعض الأحيان الى اختلاط الأمور وغياب الرؤيا وصعوبة التمييز بين الغث والثمين مصداقا لقوله تعالى [ واتقوا فتنة لاتصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب ]
لكل ذلك ولغيره ، كان لابد من مشروع متكامل الجوانب للمعالجة والتصحيح ، وللعودة بالامور الى نصابها ، وفق قواعد وضوابط ومباديء ، اسوق منها التالي :
[1] التنسيق الكامل والمتكامل بين المؤسسات الخيرية الداعمة لضمان تعزيز هذا القطاع من اي اختراق نفعي ووصولي .
[2] تنظيم تبادل المعلومات والاحصاءات والتقارير ذات الصلة بالجهات المنتفعة فور ظهور ما يخل بمصداقيتها ويغمز من قناتها ، لاتخاذ الاجراء اللازم الذي يحول دون تماديها واتساعها .
[3] اعتماد معايير وشروط محددة ، لقبول مساعدة الجهات المنتفعة ، والتأكد ميدانيا من ذلك قبل مد يد العون اليها .
[4] اعتماد جهات استشارية موثوقة ومحايدة في البلد المعني بالمساعدة ، لاستطلاع رأيهافي الجهة المنتفعة ، من خلال دراسات موثقة توضع لهذا الغرض .
[5] انتداب لجان رقابية دائمة لتقصي الحقائق ، ومتابعة تنفيذ المشاريع الخيرية ، لمعرفة مدى توافق اعمالها مع ما قدمته من مشاريع وما ادعته من صفات .
[6] اخضاع عمليات الدعم والمساعدة لمنطق الاولويات ، كي لا يطغى مشروع عادي على آخر استثنائي ؟
[7] وضع آلية متطورة للتزكيات تحول دون تزويرها وتحويرها بعد تكشف العديد من امثال هذه العمليات الاحتيالية على الصعيد الخيري ؟
اخيرا .. لابد من التذكير بضرورة خفض النفقات الاداريةالى الحد الأدنى ، لضمان توزيع المال الخيري على مستحقيه ، وفقا لما اشارت اليه الاية الكريمة : [انما الصدقات للفقراء والمساكين، والعاملين عليها، والمؤلفة قلوبهم، وفي الرقاب، والغارمين، وفي سبيل الله، وابن السبيل، والله عليم حكيم ] |