ومن شعارات الحركة الاسلامية المباركة شعار [ الموت في سبيل الله أسمى أمانينا ] وهذا الشعار من الأهمية والخطورة بمكان .
فأهميته أنه يحدد ذروة الاماني التي تهفوا لها أرواح المؤمنين وتطلع نفوسهم وترنوا قلوبهم .. فهم بذلك تجاوزا الحطام والعرض الزائل ، ليحظوا بالنعيم الدائم ، وذروة السنام والمقام .
وخطورته أن يلامسه رياء ، أو يخالطه دخن ، إذ النفس أمارة بالسوء ، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدماء ، ولابد من صدق النية وصفاء الطوية ، وبخاصة في صفقة العمر مع الله عز وجـــل [الشهادة ] وهو تعالى أغنى الأغنياء عن الشرك . وحسبنا أن نستذكر في هذا الموطن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يشير في جانب منه ، الى رجل قتل في سبيل الله :{ فيقول الله ، فبماذا قتلت ؟ فيقول : أمـِـرت بالجهاد في سبيلك ، فقاتلت حتى قتلت ، فيقول الله له : كذبت، وتقول الملائكة كذبت ، ويقول الله : بل أردت أن يقال فـــلان جـــــريء فقد قيل ذلك } من حديث رواه الترمذي ، وفي رواية [ ثم سحب على وجهه حتى القي في النار ] فنسأل الله تعالى العفو والعافية .
فالشهادة هي الموت في سبيل الله تعالى وليس في هدف آخر ، فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء فأي ذلك في سبيل الله ، فقال { من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله } اخرجه الخمسة . وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رجلا قال : يا رسول الله ، رجل يريد الجهاد في سبيل الله وهو يبتغي عرضا من الدنيا، فقال : لاأجرله ، ] اخرجه أبو داود .
والى صميم هذا المعنى يشير الامام الشهيد حسن البنا رضي الله عنه في رسالة الجهاد فيقول [ كان المسلم يخرج للقتال ، وفي نفسه أمر واحد ، أن يجاهد لتكون كلمة الله هي العليا، وقد فرض دينه عليه أن لا يخلط بهذا المقصد غاية أخرى ، فحب الجاه عليه حرام ، وحب الظهور عليه حرام ، وحب المال عليه حرام ، والغلول في الغنيمة عليه حرام ، وقصد الغلب بغير الحق عليه حرام .. والحلال أمر واحد : أن يقدم دمه وروحه فداء لعقيدته وهداية للناس ] ص54
إن مقصد الاستشهاد هذا : هو بلوغ رضاء الله وحده ، وليس رضاء قائد أو زعيم أو تنظيم ولو كان اسلاميا .. وهو استشهاد في سبيل الله وليس انتقاما لأحد أو غضبا من أحد ، وإن كانت لبعضها مقاصد نبيلة ، والله عزوجل لا يقبل من الأعمال إلا ما خالصاً لوجهه ؟
والساحة الاسلامية اليوم ـ وفي مختلف الميادين الجهادية ـ مدعوة لتدبر هذه الابعاد الايمانية والشرائط الشرعية في العمليات الاستشهادية ، ضما لسلامة المقاصد وشرعية التنفيذ .
ولا يفوتني هنا أن اشير الى جوانب مظلمة وتصرفات ظالمة تجري هنا وهناك وهنالك باسم الاسلام وتحت شعار الجهاد ، حيث يذبح الناس أوتبقر بطونهم أوتفجرجماجمهم أويعتدى على أعراضهم وحرماتهم ، على نحو ما يجري في الجزائر على وجه الخصوص ، إذ الاسلام بريء من الفعل والفاعلين بريء براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام ؟
لكم يحتاج هذا الموضوع بالذات الى مجمع فقهي ، والى مرجعية علمائية ، تتصدى للعبثية التي تمارس باسم الاسلام ، كما تتصدى لعلماء السلاطين الذين يظاهرون اليهود وأعداء الله بفتاواهم التي يطعنون بها الاسلام في الصميم ، ويشوهون صورة الجهاد الاسلامي حيث يعتبرون العمليات الاستشهادية عمليات انتحارية ؟
فنسأل الله تعالى الهدى والسداد في القول والعمل .. والى جهاد حتى النصر او الشهادة ، والله غالب على أمره ، والله أكبر ولله الحمد , الأربعاء 20جمادى الثانية 1423هـ
الموافق 28 آب [ اغسطس]2002م |